بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خاتم النبيين
وبعد
فإن المحيط الإعلامي محيط جديد على الأمة الإسلامية ..
تلكم الأمة التي كانت معروفة بصناعة الرجال – فيما مضى - ..
ونقصد بالمحيط الإعلامي أجهزة الإعلام وأدواته مثل القنوات المرئية والأخرى المسموعة , وكذا الدوريات المنشورة كالصحف والمجلات .. وغير ذلك ..
فالتلفاز مثلا .. صار الآن .. لا يكاد يخلو منه بيت .. وبخاصة بعدما وُجدت ما يُسمّى بالقنوات الإسلامية ..
فقد كانت بيوت المتسننين أو ما يسمى بالملتزمين .. تخلو منه قديما .. أيام أن كان نصيب الدين أو المواد النافعة بصورة عامة لا يتجاوز العُشر بحال ..
مما أسبغ على اقتناء تلك الأجهزة .. حُكم الحُرْمة .. كون خبثها يغلب على ما فيها من نفع ..
لكن دخلت هذه الأجهزة إلى بيوت أولئك القوم .. تحت ذريعة وجود قنوات إسلامية .. وطبعا .. انهار هذا السد بينهم وبين المعاصي .. بعدما دخلت بيوتهم هذه الأجهزة ..
فمن البديهي .. أن المشاهدة لن تكون قاصرة – بطبيعة الحال – على القنوات الدينية الصرف ..
بل سيتابع أكثرهم مثلا القنوات الإخبارية .. تحت ذريعة متابعة أخبار المسلمين .. ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم .. وكأنه بسماعه الأخبار .. ومصمصة شفتيه , ثم لعنه الحكام الذين يحولون بينه وبين نصرة إخوانه المستضعفين .. هكذا اهتم لأمر المسلمين .. فصار منهم !!! ..
أما غيره من المساكين – وقد صاروا قلة لدرجة تكاد تقترب من العدم – من الذين لم يُدخلوا هذه الأجهزة بيوتهم .. ولا زالوا مُصرين على تنقية أجواء منازلهم من خبثها .. فلم يستمعوا لقنوات النشرات الإخبارية .. بما فيها من عورات نساء بادية وصور فاتنة وموسيقى مُحرمة .. وشبهات وضلالات وأهواء وعلماء سوء , ودعاة ضالون مُضلون .. وغير ذلك من فتن .. هؤلاء محرومون من شرف الانتماء إلى المسلمين .. نظرا لتفريطهم في هذا الواجب العظيم
فصارت مقارفة المعاصي سهلة .. من مثل اختلاس النظرات لنساء النشرات المتبرجات ومن مثل عدم الاكتراث بسماع الموسيقى وهي تصدح ..
والإيمان يبلى في القلب بالذنوب .. كما يبلى الثوب ..
هذا بفرض أنهم يُلغون القنوات المفضوحة تماما ,, كـ دريم وروتانا واقرأ والرسالة ... إلى آخر تلكم القنوات التي .. وظيفتها الأساسية .. هي أن تشيع الفواحش والضلالات والشبهات .
وما من حل لهذه الفاجعة .. سوى أن يعود الملتزمون إلى إخراج هذا الجهاز الشيطاني من البيت مرة أخرى ..
ولا يعتذرون بالقنوات الإسلامية .. إذ السؤال الذي يفرض نفسه .. هو " هل هم الآن في ظل القنوات الإسلامية أفضل من ذي قبل ؟؟؟ ..
بالطبع الإجابة المُنصفة .. أن لا .. فقد كان الأخوة فيما مضى يتعلمون العلم ويحفظون المتون .. ويحضرون إلى المساجد لسماع الدروس .. .. أو يستمعونها عبر أشرطة الكاسيت أو أقراص الكمبيوتر الضوئية ..
والتربية لا تخرج إلا من المسجد .. ولن تخرج التربية مُطلقا من شاشات الفضائيات .. فبعدما كانت دروس الدعاة والعلماء في المساجد تزدحم بالحضور حتى لا تكاد أن تجد موضع قدم .. ويسجد الناس في الصلاة على ظهور بعضهم البعض .. من شدة تقارب الصفوف ..
صارت الآن تلكم المساجد لا تكاد أن تكتمل .. لماذا ؟؟ لأن الكل إلا القليل صار يرتكن إلى أنه سيستمع إلى حديث الشيخ على الفضائية ..
وحين يأتي ميعاد درس الشيخ إمّا أن يكون صاحبنا مشغول .. وإما يشرد من الشيخ بكثرة القيام والجلوس .. وبالتشويش من حوله وبالرد على التليفونات مثلا , وبقيامه ليصنع كوبا من الشاي , وليقول لهذا الولد اسكت , لا تفعل كذا , أو افعل كذا ,, وهكذا ..... الخ ..
ومهما اجتهد في أن يمكث مُصغيا للشيخ .. فهو في نهاية الأمر يجلس في بيته مفتقدا للمعاني التربوية والإيمانية التي يكتسبها من الحضور في المسجد .. ومن المزاحمة على الخير .. ومن رؤية الوجوه المُنيرة من حوله والتي تزيد الإيمان في القلب
لذا فإن هذا الركون إلى ظهور الشيوخ عبر الشاشات .. قد أضعف التزام الملتزمين .. وأوجد شريحة من الملتزمين الجدد .. معدومي التربية الإيمانية .. ليس لهم من الالتزام سوى الهدي الظاهر (( مع قليل من الروشنة .. مثل الأخوة الملتحين الاستايل !! .. الذين صرنا نراهم في الشوارع يرتدون اللباس الضيق .. كالبناطيل الجينز والقمصان أو الفانلات التي تكاد أن تتمزق من شدة ضيقها والتصاقها بجسمه مع الشعر الطويل وحقائب السفر المثلثة .. التي كنّا نخجل من حملها .. زماااان .. )) ..
هذا أيضا بجوار قليل من العلم أو قليل من المحفوظات والفتاوى (( تيك أواي )).. أمّا السلوكيات والمعاملات .. فحدّث ولا حرج ..
حتى صرنا نرى في الجامعات .. شباب لهم هيئة الملتزمين ويقفون مع بنات أو زميلات والعكس .. أخوات منتقبات ويقفون مع زملاء وغير ذلك من المظاهر المرضية .. التي شاعت بعد بزوغ هذه الطائفة الجديدة من ملتزمي الفضائيات ..
ولا يخالجني الشك لحظة واحدة .. في أننا سنرى في القريب العاجل هذا المشهد
[[[ أخت ستايل .. ترتدي ما أسميه أنا اليوم – إذ أنه لم يظهر بعد .. أو أني لم أره – بـ (( الميني نقاب أو الميكرونقاب )) .. وهو بيشة على الوجه فقط .. مع إيشارب قصير جدا يبلغ الرقبة بالكاد دون أن يُداري الصدر (( مثل حجاب عمرو خالد )) وتبرز جميع تضاريس جسمها من تحت (( البادي )) وذلك على بنطلون برمودا يلتصق بلحمها .. وتسير جنبا إلى جنب بجوار شاب ملتحي ستايل – سبق وصفه - تعانق يدها يده .. فيما يُسمىّ اصطلاحا (( الأنكجيه )) ويسيرون على الكورنيش ]]] ..
هذا المشهد يُعدون له الآن العدة .. فقريبا رأيت على شاشات إحدى الفضائيات .. – وأنا في زيارة لأقاربي – وقد كنت أُقلّب في القنوات .. بنت مُمثلة تظهر في صورة منتقبة .. فاستوقفني المشهد وتوقفت عنده لأرى ما بعد ذلك .. فإذ بها تُقابل شاب .. تظهر في المشهد أنها تُحبه ويُحبها .. فترفع البيشة عن وجهها , ثم يبثون لبعضهم البعض عبارات الحب والشوق , ثم تنصرف .. لكن – طبعا - لم تنسى أن تُسدل البيشة مرة أخرى على وجهها .. ((( لأنها متدينة .. وحرام أن يرى الأجانب وجهها !!! )))
وأذهلني هذا المشهد .. وفزعت لما أدركت مؤداه .. فهو يؤدي لكارثتين من وجهين مختلفين .. الوجه الأول .. هو إساءة سمعة الأخوات المنتقبات ..
فبعض الأغبياء - أو هم كثير .. للأسف – يستشهدون على الواقع بمشاهد المسلسلات والأفلام .. ألم تكن نظرة الكثير من هؤلاء .. - ولا زالت عند البعض - للملتزمين المتسننين .. أنهم إرهابيون وأنهم يتبادلون الزوجات .. أو .... الخ .. مثلما يشاهدون في الأفلام والمسلسلات ..
فهكذا .. إذا تحدثت عن النقاب .. ستجد من يقول لك .. هؤلاء كذا وكذا .. وينعتهن بسيئ الصفات وخبيثها .. هذا هو المؤدى الأول .. وهو أن يسيئوا لسمعة الأخوات المنتقبات .. فتُعرض الكثير عن ارتداء النقاب لما تسمع
أما المؤدى الثاني .. وهو الأخطر .. فهو ما ذكرت .. أن تنشأ فعلا هذه الشريحة بالمحاكاة .. فتقع الأخت المنتقبة في الحب والغرام مع زميل الجامعة ..
وهذا والله صرنا نرى بوادره , إن لم يكن يحدث فعلا .. والخرق ولا شك سيتسع ..
كما ستنشأ أيضا طائفة من البنات العاشقات أصلا .. اللواتي كان العشق ومرافقة العشيق ومكالمته يمنعهن من لبس النقاب .. مع ما يختلج بصدورهن للبسه .. كنوع من أنواع الموضة والتجديد !!
فيلبسن النُقب .. وهي لا زالت مقيمة على هذه المعاصي ..
وطبعا لزوم أن يُبقين العشيق منجذبا إليهن .. ويتسلى بهن .. لابد من المحافظة على لبس (( البادي والاسترتش )) .. كي يبقى لعابه سائلا .. يلهث خلفها .. كما الكلب
وربما تتفتق أذهان دعاة الحداثة .. من أمثال عمرو خالد والقرضاوي مثلا .. وكذا أذناب الماسونية .. من أن يصنعوا لهن نموذجا يُحتذى به .. فتُعلن إحدى الفنانات توبتها .. لترتدي هذا الميكرونقاب .. فيتبعها القطيع
تماما مثلما صنعوا مع ما يُسمى بالحجاب ..
ألم يصدّعوا رؤوسنا بأن الفنانة الفلانية تابت وارتدت الحجاب .. وأن المطربة العلانية تابت وارتدت الحجاب .. وأن زوجة الرئيس التركي .. عبد الله جول .. دخلت قصر الرئاسة بالحجاب .. أخيييييييييييييييرا .. بعد سنوات عجاف .. وأن بنت الرئيس التركي .. صُورت في عُرسها بالحجاب الكااااامل – هكذا قرأتها تحت الصورة .. للكاتب الأثيم .. ((( وهيّص تنظيم الإخوان لذلك وزيّط )))
وما الأمر في حقيقته سوى مؤامرة على الحجاب الشرعي الحقيقي .. الذي يستر المرأة المسلمة الحيية العفيفة .. بغرض مسخ مفهوم الحجاب وتمييعه .. وإزالته من الوجود ..
ولكن المغفلون والسُذج .. ينعقون ويُطبلون ويزمّرون .. ولا يدركون أنهم ليسوا سوى أداة .. يُنفّذ بها أعداء الإسلام مخططاتهم
فهل رأيتم حجاب زوجة عبد الله جول الذي صدعوا رؤوسنا به .. هل رأيتم حجاب ابنته الكااامل – زعموا .. وكذبوا - .. هل رأيتم حجاب الفنانة التائبة ..
قطع من القماش المزركش تنتهي عند الرقبة .. أو طاقية تُجسم رأسها .. حتى صار هذا التبرج .. هو الحجاب في عرف كثير من الناس ..
فهل قدم هؤلاء خدمة لدينهم .. أم أنهم أساءوا إلى الشرع الحنيف .. وعملوا أو ساعدوا على تحريفه .. وتمييع مفاهيمه
ما فعلوه بما يُسمى الخمار – عُرفا .. الذي يبرز منه وجه المرأة - .. نفس ما سيفعلونه بالنقاب .. وسترون .. وإن غدا لناظره لقريب ..
أقول لكل أخ .. تساهل وأدخل جهاز الإفساد هذا إلى بيته .. يا أخي اتق الله .. وأخرجه فورا ..
نعم القنوات الإسلامية خير .. وبروز شيوخنا على الشاشات .. خطوة أثلجت صدرونا .. وأسعدتنا ..
لكن .. ليس ذلك في حقنا .. إنما هو في حق عامة الناس الذين يقتنون أجهزة التلفاز أصلا .. ويفتحونها على العُري والخلاعة والمجون .. فلا يعرفون معروفا ولا يُنكرون مُنكرا .. .. أو لأولئك الذين كانوا يجهلون أهل العلم أصلا .. أويتكاسلون عن ضرب أكباد الإبل إليهم .. لينهلوا من علومهم ويستمعوا مواعظهم .. فيزداد إيمانهم وتُخبت قلوبهم ..
حتى يصل بهم الحال إلى أن يحذون حذو إخوانهم الذين سبقوهم بالالتزام .. فيُخرجون هذه الأجهزة من بيوتهم .. ويحضرون دروس أهل العلم في المساجد .. فيتربون كما تربى من قبلهم .. هكذا كان الأمل
أما وقد وقع الملتزمون في الفخ .. وبادروا هم إلى اقتناء هذه الأجهزة .. فقد قطعنا الطريق على هذا الأمل ..
حتى إنني لأتساءل الآن .. هل كان السماح ببروز مثل هذه القنوات .. مجرد خطوة من خطوات مؤامرة شيطانية على قوافل التائبين كي تضل بهم الطريق .. ويتوسعون في السماع والمشاهدة .. فينجرفون نحو المعاصي
للأسف .. الواقع يعكس ذلك بقوة ..
والله المستعان