الاسمنت .. أزمة مزدوجة
لا أدري ما الذي يمكن أن يقال عندما يرفع نقيب المقاولين صوته بالشكوى من أن أزمة الاسمنت قد بلغت حدها الأقصى . وان ما يصل إلى سبعين بالمئة من المشاريع قد توقفت بسبب عدم توفر هذه المادة.
وما الذي يمكن أن يقال عندما يشكو المواطن العادي الذي يحتاج إلى طن من الاسمنت ، من اجل صيانة منزله، أو إدخال أية إضافات عليه من أن بعض التجار يطلبون منه سعرا مرتفعا يصل إلى 110 دنانير فأكثر ثمنا للطن . مع أن سعره المعلن لا يزيد عن تسعين دينارا .
ما يمكن أن يقال هنا ، كثير جدا .. خاصة وان الأزمة باتت مزدوجة ، الظاهر منها يتمثل بعدم توفر المادة ، واحتكارها من قبل التجار بهد ف رفع أسعارها . أما المخفي فيمكن أن تنطبق عليه المقولة الشعبية بأنه أعظم .
فالشركة تقول أنها فوجئت بحجم الطلب المتزايد على مادة الاسمنت . وأن حجم الطلب يفوق طاقتها الإنتاجية . مع أن الحكومة ردت سبب الأزمة قبل أسبوع ـ تقريبا ـ إلى إجراء الصيانة ، وتعرض أحد خطوط الإنتاج في المصنع إلى شورت كهربائي . لكن وزير الصناعة نفى من جديد وجود أزمة واتهم أطرافا بافتعالها .
ونقابة المقاولين تؤكد أن حجم العمل لم يرتفع فعليا . وإنما انخفض كثيرا عن حجمه في العام الفائت بسبب الأزمة المالية العالمية ، وحالة الركود التي أصابت قطاع العقارات ، وتدني الإقبال على شراء الشقق السكنية .
والمواطن يقول أن الأسعار قد ارتفعت كثيرا ، ما يعني أن المادة متوفرة لمن يدفع سعرا أعلى ، وبخاصة الذين يريدون كميات قليلة .
وفوق ذلك كله هناك من يقول ـ من التجار ـ أن الشركة تبيع الاسمنت بسعر 82 دينارا للطن على أرض المصنع . وأن سبب الارتفاع هو الشركة وليس التجار .
وإن صحت تلك المعلومة فإنها تعني أن الشركة قررت من طرف واحد رفع أسعار منتجاتها ، واستبقت قرار تعديل أسعار المحروقات .
وهنا يربط البعض بين هذه الأزمة وقرار تعديل أسعار المحروقات ، وسط اعتقاد بان الشركة لم تقم بطرح كميات كافية من الاسمنت انتظارا لقرار رفع أسعار المحروقات .
وفي الوقت نفسه يبالغ التجار في تفاصيل الازمة ، ويعملون من جهتهم على رفع الأسعار .
واللافت في هذا الأمر أن وزارة الصناعة والتجارة تلوذ بالصمت ، ولا تبدي أي رد فعل . فباستثناء التبريرات التي ساقها بعض مسؤوليها قبل أكثر من أسبوع ، والتي اختتمت بنفي الأزمة من أساسها .
كما أنها لم تتخذ أي إجراء لتأمين مادة الاسمنت لمحتاجيها ، بدءا من المقاولين ، وانتهاء بالمواطنين العاديين . رغم ما تكتبه الصحف عن هذه القضية ، ورغم النداءات المتكررة التي يوجهها المعنيون في قطاع الإنشاءات ، بدءا من نقابة المقاولين ، وليس انتهاء بجمعية مستثمري قطاع الإسكان . والذين يواصلون الشكوى من أزمة الاسمنت والحديد معا .
husban11@hotmail.com
أحمد الحسبان
http://www.alrai.com/pages.php?articles_id=29158
منقول وبتصرف من صحيفة الراي الاردنية