الإعاقة لا تعيق تحقيق الإنجازات
إن المعاناة التي يتكبدها المعاقون في حياتهم اليومية قد تؤثر بالسلب على البعض منهم، وربما تقف حاجزا أمام تحقيق طموحهم وآمالهم، ولكن الإنسان المؤمن بقضاء الله وقدره لا يتأثر بالإعاقة مهما بلغت شدتها، بل يمضي قدما في تأدية رسالته الدنيوية مثل أي إنسان آخر, ويستطيع بفضل الله وكرمه سبحانه وتعالى أن يتغلب على الصعوبات والعقبات والمشاكل التي قد تواجهه مهما كان حجمها.
ومن المعروف أن الإعاقة اختبار وبلاء من الله عز وجل لعباده المؤمنين الصالحين الصابرين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط). رواه الترمذي. وفي حديث آخر سأل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاء؟ قال صلى الله عليه وسلم: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسن دينه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، وما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة). رواه الترمذي.
ولذلك نرى أن ضعف الإيمان وعدم الرضا من الأسباب الرئيسية التي قد تجعل الإنسان السليم والمعاق على حد سواء يستسلم للمرض والظروف ويغمره إحساس بالنقص وعدم القدرة على العطاء، حتى يصبح عبئا على المجتمع وعلى أسرته، أما الإنسان الذي يعلم حدود الله ويقيم شعائر الله فيدرك جيدا أنه ليس هناك بديل عن التسلح بالإيمان بالله إذا أراد لنفسه النجاح وتحقيق الإنجازات ومن ثم يكون له دور فعال في بناء المجتمع ويخرج من الدائرة المظلمة التي كان يعيش فيها وتسيطر عليه.
وهناك الكثير من النماذج التي برهنت عملياً أن الإعاقة لا يمكن أن تقف سداً أمام مسعاهم في تحسين أوضاعهم وتقدمهم على كافة المستويات العلمية والثقافية والرياضية والمجالات الأخرى، لأن الإعاقة أصبحت تمثل دافعا قويا وراء إثبات وجودهم، وباتت سببا أساسيا في تحقيق إنجازاتهم، فعلى سبيل المثال فقد رأينا في البطولات الرياضية العالمية كيف انتصر المعاق على الإعاقة وحقق ما عجز عن تحقيقه الكثير من الأصحاء بعد ما رفعوا علم بلادهم في المحافل الدولية أمام أعين ومسامع العالم، وهذا يعني أن النجاح والتفوق والوصول إلى منصات التتويج لا يفرق بين إنسان معاق وغير معاق وأن الإنجازات لا تتحقق إلا بالإصرار والتحدي والعزيمة.