وفي التماس رضا الناس يقول ابن المقفع: إنك إن تلتمس رضا جميع الناس تلتمس مالا يدرك. وكيف يتفق لك رأي المختلفين؟ وما حاجتك إلى رضا من رضاه الجوْر، وإلى موافقة مَنْ موافقته الضلالة والجهالة؟ فعليك بالتماس رضا الأخيار منهم وذوي العقل، فإنك متى تصب ذلك تضع عنك مؤونة ما سواه . لا تُمكّن أهل البلاء الحسن عندك من التذلل، ولا تمكّن مَنْ سواهم من الاجتراء عليهم والعيب لهم.
لتُعرّف رعيّتك أبوابك التي لا يُنال ماعندك من الخير إلا بها، والأبواب التي لا يخافك خائف إلا من قبلها، احرص الحرص كله على أن تكون خبيرًا بأمور عُمّالك، فإن المسيء يفرق من خبرتك قبل أن تصيبه عقوبتك، وإنّ المحسن يستبشر بعلمك قبل أن يأتيه معروفك. ليعرفِ الناسُ فيما يعرفون من أخلاقك أنك لا تُعاجل بالثواب ولا بالعقاب، فإنّ ذلك أدوم لخوف الخائف، ورجاء الراجي.