أسعار النفط الخام التي تجاوزت مستوى الـ 66 دولارا للبرميل في أخر تعاملات الأسبوع ببورصة نيويورك للسلع قد أحزت الشهر الحالي ارتفاعات قدرت نسبتها بحوالي 30 % لتعد ذلك اكبر قفزة سعرية يحظى بها السوق البترولي خلال شهر وذلك منذ نحو عشر سنوات.
وقد تمكن سعر البترول الخام من تسجيل ارتفاعات ملحوظة خلال الأسبوع الأخير في ظل عدة عوامل كان أبرزها تقديرات منظمة أوبك التي رجحت إمكانية حدوث تعافي لمستويات الطلب العالمي على النفط الخام في وقت لاحق من العام الحالي، كما تلقت الأسعار دعما في ضوء بيانات المخزون البترولي على مستوى السوق الأمريكي الذي يعد السوق الأكثر استهلاكا للطاقة في العالم حيث شهدت المخزونات في الأسبوع الماضي اكبر تراجع منذ شهر سبتمبر مما يعتبر مؤشرا على بدء تعافي مستويات الطلب على البترول.
تراجع الدولار
وأشار تقرير أوردته شبكة بلومبرج الإخبارية إلى أن ارتفاع سعر البترول هذا الأسبوع فوق مستوى الـ 66 دولار للبرميل والذي يعد أعلى مستوى للخام منذ 6 أشهر قد جاء في الوقت الذي تراجع فيه سعر العملة الأمريكية عن مستوى الـ 1.41 دولار لليورو وذلك لأول مرة العام الحالي حيث تسهم انخفاضا الدولار في تحفيز الطلب على أسواق السلع الأولية مثل الذهب والبترول كأدلة استثمار بديلة بعيدا عن تقلبات أسواق المال.
ويرى احد المحللين أن انخفاض قيمة الدولار سيؤدى إلى حدوث عملية إعادة تقييم لأسعار الطاقة والسلع الأولية بشكل عام مشيرا إلى أن الارتفاعات الراهنة لأسعار النفط ترتكز على اتجاهات أسواق النقد كما أن انظار السوق تتجه للعوامل المستقبلية المؤثرة بينما يتجاهل المؤثرات الأساسية القائمة حاليا والمتمثلة في المستويات الراهنة للمعروض العالمي والتوقعات الخاصة بالطلب.
وقد سجل سعر النفط الخام لعقود شهر يوليو الآجلة في أخر تعاملات الأسبوع ببورصة نبو يورك للسلع مستوى 66.31 دولار للبرميل بارتفاع قدره 1.23 دولار أو نسبته 1.9 % ليحرز بذلك الخام ارتفاعا على مدى الأسبوع بحوالي 7.5 % وبنحو 30 % خلال الشهر الحالي حيث يعتبر ذلك أعلى ارتفاع منذ نحو 10 سنوات وتحديدا في مارس عام 1999 عندما بدأت تظهر اقتصاديات دول شرق آسيا بوادر تعافي من الأزمة المالية التي تعرضت لها خلال عامي 97 و98.
وجاء أيضا ارتفاع سعر النفط الخام ظل مؤشرات أداء الاقتصاد الأمريكي والآسيوي والتي تمهد لحدوث انتعاش على مستوى الاقتصاد العالمي حيث سجل مؤشر ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة خلال الشهر الحالي أعلى مستوى له منذ شهر سبتمبر الماضي كما أعلنت وزارة التجارة الأمريكية عن تراجع الناتج الإجمالي الأمريكي بنحو 5.7 % والربع الأول مقارنة بالتقديرات السابقة التي رجحت التراجع في حدود 6.1 % وعلى مستوى القارة الآسيوية فقد سجل اقتصاد الهند الذي يعد ثالث اكبر اقتصاد آسيوي معدل نمو سنوي في الربع الأول بـ 5.8 % في ظل خطط الإنفاق الحكومية كما سجل الناتج الصناعي الياباني ارتفاعا بـ 5.2 % خلال شهر ابريل مقارنة بالشهر السابق.
توقعات أوبك
وقد تزامنت توقعات أوبك المتعلقة بإمكانية بدء انتعاش معدلات استهلاك النفط عالميا وذلك في الوقت الذي قررت فيه خلال اجتماعها يوم الخميس الماضي إبقاء حصص إنتاج الدولار الأعضاء دون تغيير وذلك للمرة الثانية العام الحالي.
وأشار أمين عام منظمة أوبك عبد الله البدري في تصريحات للصحفيين بعد اجتماع فيينا إلى أن انتعاش أسعار النفط يأتي في ظل تحسن التقديرات الخاصة بأداء الاقتصاد العالمي وليس بسبب مستويات لأطلب العالمي على النفط مؤكدا أن مستويات المخزون عالميا مازالت مرتفعة للغاية.
وقال أن الأسعار مازالت مهيأة للوصول لمستويات تتراوح ما بين الـ 70 دولار والـ 75 دولار للبرميل مع نهاية العام الحالي حيث يرجع ذلك جزئيا إلى عودة المضاربين للسوق.
وارتفع سعر خام برنة في بورصة للبترول الدولية بلندن لعقود شهر يوليو بنحو 1.13 دولار.و 1.8 % مسجلا 65.52 دولار.
ويأتي قرار أوبك الخاص بتثبيت سقف الإنتاج والذي يعد الثاني من نوعه هذا العام وذلك في الوقت الذي تمكنت فيه أسعار العقود الآجلة للنفط في بورصة نيويورك من تسجيل ارتفاعات على مدى نحو 5 أشهر بأكثر من 40 % . وتسود الأسواق تكهنات بشأن إمكانية انتعاش مستويات الطلب خاصة مع بدء ظهور بوادر تعافي للاقتصاد العالمي .
وأشار تقرير أوردته شبكة بلوم برج الإخبارية إلى أن تلك الزيادة المسجلة منذ بداية العام لأسعار النفط قد أسهمت في رفع عائدات أوبك على الرغم من ارتفاع مستويات المخزون البترولي في السوق الأمريكي خلال الشهر الماضي إلى أعلى مستوياته منذ نحو شهرين .
ويرى رئيس بحوث النفط لدى مصرف سوسيتيه جنرال في لندن عدم وجود ما يبرر إجراء خفض جديد للإنتاج وذلك مع تحرك أسعار النفط الخام حاليا فوق مستوى الـ 60 دولارا . وأشار إلى انه اذا تمكنت الدول الأعضاء من مواصلة العمل بحصص الإنتاج وتقييد اية زيادات في المعروض والتي تأتي في ظل ارتفاعات أسعار النفط ، فأن أسواق الأسهم عالميا ستكون مهيأة للتراجع.
ويضيف التقرير أن خيار أوبك بمواصلة تثبيت سقف الإنتاج قد يرجع إلى عد تمكنها من استكمال تنفيذ قرارات الخفض المتفق عليها في الربع الأخير من العام الماضي والتي بدأ سريانها منذ بداية العام الحالي . ووفقا للتقرير الشهري الأخير الصادر عن منظمة أوبك فقد بلغ إجمالي ما ضخته الدول الأعضاء باستثناء العراق خلال الشهر الماضي حوالي 25.81 مليون برميل يوميا وهو ما يمثل زيادة بحوالي 225 ألف برميل عن مستويات إنتاج شهر مارس كما أن ذلك يمثل أول زيادة في مستويات المعروض منذ نحو 9 أشهر .
ويقدر حجم سقف الإنتاج المتفق عليه بنحو 24.84 مليون برميل وهو ما يعنى أن " أوبك " قد استكملت نحو 77 % من مقدار الخفض مقارنة بـ 82 % خلال شهر مارس .