شموس الأزمنة
الرجل العقل والفكر..!؟
راشد فهد الراشد
إذا قرأتُ، أو سمعت نايف بن عبدالعزيز أجد نفسي أمام رجل وعي، وفكر، وتجارب، وثراء رؤيوي، وعقل مميز بالإمساك بكل أطراف وخفايا وأبعاد الأحداث، والمشاكل، والظواهر بحيث يثري المتلقي ، قارئاً أو مستمعاً ، بأفكار، وحلول، واستشرافات، وتشخيص، ورؤى عقل، ومسؤولية، وفهم ، ويغوص إلى أعماق الظاهرة، أو الحدث، أو المشكلة ويشرحها ويضع حلولها، أو يقترب كثيراً من محاصرتها.
ونايف بهذا التوصيف - وهو توصيف اكتسبه كحق من خلال السلوك والممارسة - هو في المفهوم المجتمعي، والنظرة العامة رجل حكم من طراز متفوق ، ورجل قرار، كما أنه رجل الأمن الأول الذي لم تتكرس ثقافته الأمنية من خلال الممارسات السلطوية القمعية، والبطش، وثقافة السجون والمعتقلات، وأدوات التعذيب والقهر ومصادرة كرامة الإنسان كما هو في بعض الأنظمة العربية ، وإنما كانت ثقافته نابعة من إيمان بالإنسان أولاً، والإرث الحضاري والجغرافي والثقافي للكيان فهو مسؤول يزرع الحب، وينثر الود والاحترام لكل الناس، وإذا ما رأى خطأ، أو تجاوزاً فإنه يُخضعه لحسن الظن، ويلتمس لصاحبه العذر، لا أن يستخدم الأحكام المسبقة، والاتهامات الجاهزة.
في حديثه العاقل والمتوازن والحكيم ل«الرياض» والذي نشر يوم أمس أكد سموه «بأن كل جريمة يتم ارتكابها تسبقها فكرة منحرفة تمكنت من العقل وسيطرت على الحواس، وربما استثمرت بعض الظروف والمتغيرات الاقتصادية أو السياسية لتبرير تحولها من مجرد فكرة إلى جريمة وتهديد للأمن..».
هذه حقيقة لم يوارب الأمير نايف فيها، ولم يسع إلى تغليفها، أو الدوران حولها، أو محاولة ملامستها، بل ذهب إليها مباشرة ؛ فالأفكار الخاطئة إذا استولت على العقل وتكرست في النفس، وكان الإيمان بها من خلال دافع أيديولوجي سياسي أو ديني، أو فئوي ؛ فإن العقل في هذه الحالة يكون في حالة غياب كامل بحيث تعمل النزوات، والحماقات التي يتضخم من خلالها الوهم بصوابية الأفكار رغم أنها لا تستند إلى مسوغ، أو مبرر بل هي حالة تطرف وجهل يرفضهما المجتمع، والشرائع، والقيم والأخلاق.
إن كثيراً من أعمال التطرف، وبالتالي الإرهاب الذي شهده مجتمعنا في السنوات الماضية. هو نتاج ثقافة جاهلة إقصائية متكهفة تريد أن يكون هذا المجتمع في درك التخلف والجهل، بحيث عطل العقل، وصودرت المفاهيم والأفكار التنويرية ، وصار التكفير، والإقصاء، ومصادرة حق الإنسان في الفهم والوعي نمطاً سلوكياً عند فئة تريد فرض أجندتها على الكل، وإن كانت أجندة تستهدف الجغرافيا والإنسان.
ليكن امامنا العقل. فالعقل هو الثروة.