القدس فـي خطر
للقدس المدينة الروحية التي باركها الله سبحانه وتعالى خصوصية (إسلامياً ومسيحياً) استثناء من كل مدن الدنيا تمر اليوم بأحلك وأدق اللحظات خطورة. حيث باتت مدينة المدائن وكل مقدساتها مهددة بالخطر.
فالعدو الصهيوني يصول ويجول كما يشاء، كل همّه تطبيق مخططاته الخبيثة بتهويد هويتها وجعلها مدينة يهودية بكل المقاييس وبلا منازع، فها هي آلاته الحديثة والدقيقة تقوم كل يوم بالحفريات المستمرة تحت أرضية المسجد الأقصى الذي أصبح يُنذر بالانهيار بين لحظة وأخرى، مما سيؤول في النهاية إلى طمس معالم هذا المكان المقدس (مسرى الرسول العظيم عليه السلام).
المقدسيون يعيشون أبشع ساعات الشدة والعذاب، حصار وتجويع، وتدمير لمنازلهم وطردهم منها، ومصادرة أراضيهم بحجج واهية. والمستوطنات تتّسع في كل مكان وبشكل سريع وملفت للنظر، والحواجز العازلة قزّمت المدينة ومزّقتها، وفرّقت أهلها وأصحابها. كلها مؤشرات واضحة ترمز بشكل علني إلى تهويد المدينة، وإزالة كل معالمها العربية والإسلامية والتاريخية. والشعب الفلسطيني أعزل لا يملك السلاح ليتمكن من مقاومة العربدة الإسرائيلية، فلقد حرم عليه دولياً اقتناؤه وحتى حمله. فما عليه أن يعمل سوى التنديد وطلب الإغاثة والعون والمساعدة عربياً وإسلامياً ودولياً، ولكن لا مجيب. أليس هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه الأهل في القدس وفي كافة مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة يستدعي منّا جميعاً هبّة عربية أصيلة لتحول دون هذه العنجهيات والانتهاكات البربرية التي يمارسها العدو بقيادة نتنياهو المتعجرف ووزير خارجيته ليبرمان الصهيوني العنصري، اللذين ضربا كل الإرادات العربية وحتى الأمريكية والأوروبية عرض الحائط، ولم يعيرا أدنى اهتمام لأي مواثيق وأعراف دولية وحقوق الإنسان.
ألا يكفينا استسلاماً وضعفاً وماذا ننتظر بعد هذا الهوان؟؟ ألا يستدعي الوضع المتردي الذي يحياه الشعب الفلسطيني بأن ينهض المتنازعون تاركين المناكفة للعمل على توحيد صفوفهم ونبذ الخلافات بينهم والتي لن تجدي ولن تأتي بخير لأحد وأن يضعوا حداً فاصلاً لكل منازعاتهم وينبذوا كل الخلافات وتداعياتها، والتطلع لما أحرزته زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني إلى أمريكا ولقاؤه بالرئيس أوباما مفوضاً عن العرب جميعاً للثقة العالية بجلالته، حيث بذل الملك قصارى جهده في تفعيل دور الولايات المتحدة بالوقوف إلى جانب العدل والحق الفلسطيني في تحرير أرضه وإقامة دولته على تراب وطنه. وأتم بامتياز الحراك السياسي في حل معضلة الشرق الأوسط الأولى والأهم ألا وهي (القضية الفلسطينية وحل الدولتين) وأصاب جلالته نجاحاً ملموساً وبكل المقاييس، حيث أعلن الرئيس أوباما بعد اللقاء فوراً تأييده التام لما جاء على لسان جلالته وطالب بحل الدولتين والضغط على إسرائيل للإسراع في التنفيذ. وهذه غاية المرتجى، لذا على الأخوة المتنازعين الاستفادة من هذا الوضع وما حققه جلالة الملك من مكاسب عظيمة. والتحرك السريع لفض منازعاتهم وطرحها جانباً ودفع عجلة الحوار المُجدي بينهم وذلك بتوحيد الكلمة والصف من أجل انتشال شعبهم مما أصابه من نكبات ودمار وشتات دون ذنب ارتكبه، وانقاذه من معاناته وخلاصه من المجاعة والفقر والحصار والبطالة التي أصبحت عنواناً حياتياً قاتماً نشاهده كل يوم. عليهم جميعاً العمل والتنسيق مع الأخوة العرب لحماية القدس الشريف وباقي الأراضي الفلسطينية من التهويد وردّ العدو الغاشم بكل قوة. وإنقاذ الأقصى المبارك وكل المقدسات وقبل فوات الأوان.
بيد الجميع كثير من الأوراق الضاغطة والقادرة على الرد والردع إن طبّقت ونفّذت ستكون النتيجة مجدية بإذن الله ولصالح العرب أجمعين.
نجاح المطارنة
http://www.alrai.com/pages.php?articles_id=29152
منقول وبتصرف من صحيفة الراي الاردنية