السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجزائر العاصمة
بموقعها المعلق بـتلال الساحل على مخرج سهل متيجة، تمثل الجزائر صورة عن المخطط العمراني التقليدي للمدن المتوسطية: أكروبول - القصبة – متكئ على مجموعة مرتفعات - بوزريعة – و مجموعة من التلال التي تتخللها وديان تشكل خليجا صغيرا رائعا يمتد من لابوانت بسكاد إلى غاية لابيروز.
حتى و إن اختفت العديد من القصور ذات الطابع العربي الإسلامي، تبقى الجزائر البيضاء من أجمل مدن العالم العربي يمكن اكتشافها من خلال التنزه في الطرق المتعرجة، الأزقة ذات السلالم و المباني و الأحياء العصرية. نكتشف من كل هذا عاصمة تختصر فيها جزائر اليوم، هذا البلد المتأصل في تقاليده و الشغوف بالعصرنة.
القصبة
على مشارف الجزر الصغيرة، تبقى المدينة هي الجزائر ذات البصمات الشرقية للقرون السابع عشر و الثامن عشر و التاسع عشر و حتى و إن اختفت الأسوار، تبقى الصورة نفسها بادية للعيان. يكسو الطابع العثماني نصف البيوت: طوابق بخرجات تسندها أعمدة خشبية ظاهرة، صحن دار داخلي مزين بالخزفيات و بأعمدة صغيرة. تضم القصبة، مدينة الذاكرة و مدينة التاريخ، قلعة و جوامع قديمة و قصورا عثمانية و متاهات من الأسواق تعتبر جنة المتسوقين و كذا بعض المطاعم الصغيرة حيث يجب التوقف عندها لتذوق شربة الفريك و طبق لحم الغنم بالحمص متبوعا بكوب شاي بالنعناع.
القصور
كانت الجزائر المحروسة تضم قصورا فاخرة مزينة بكثير من الذوق و الأبهة. أما اليوم، و رغم اختفاء العديد من هذه المباني الجديرة بقصص ألف ليلة و ليلة، إلا أن بعضها نجت من نوائب الزمن و الإنسان. فهي لا تزال باقية لتذكرنا بماضينا المجيد و هي تشكل، لوحدها، وجهة سياحية جد جذابة.
تمثل" دار عزيزة" نموذجا للبيت الجزائري بساحتها الرخامية التي تتوسطها نافورة، بخزفها الصيني، بجصوصها و درابزينها المصنوعة من الزجاج الملون قرب الجنينة (التي كانت مقرا للحكومة إلى غاية 1817 ).
في قصر "دار مصطفى" الذي شيده الداي مصطفى في 1797 ، نجد الباب الخارجي و الإفريز المصنوعين من خشب الأرز المنحوت، السقيفتات (رواقان) المزينة بالخزف الصيني الهولندي و الإيطالي، الأعمدة الرخامية، التلبيس الخشبي المنقوش، الدرابزين و أبواب الغرف ذات مصراعين و المفتوحة بالشبابيك.
القلعة 23 ما هي إلا قصر القبطان رايس و قد شيدت على الواجهة البحرية في 1826 و أقام بها وزير البحرية الذي كان باستطاعته مراقبة الخليج. و يضم هذا القصر حماما مبنيا فوق المطبخ لكي ينشر الحرارة باستمرار، و مغسلا للثياب يستمد الماء من بئرين ، يحتوي أحدهما على الماء الشروب و يستعمل الثاني لجمع مياه الأمطار.
يتكون هذا القصر المفتوح للزوار من من ثلاثة أقسام: مسكن الرايس و فيه غرفة الجلوس و الغرف و غرفة الأكل و المكتب و كلها مزينة بخزفيات مختلفة حسب الغرفة و بتلبيس خشبي منقوش. كما نجد أيضا حي الخدم و البيوت الصغيرة التي كان يسكنها البحارون و الصيادون.
عندما ننزل نحو شارع "حاج عمر"، نجد قصر أحمد باشا ( 1805-1808 ). هذا القصر يضم حاليا المسرح الوطني الجزائري و هو يضم سلما رائعا يؤدي إلى الساحة الداخلية.
"دار حسن" هو قصر ذي طابع عربي إسلامي لداي الجزائر، حسان و آخر حكام الوصاية في نهاية القرن الثامن عشر. تحول فيما بعد إلى قصر شتوي للحكام الفرنسيين و صار يسمى "قصر بروس".
في نهاية القرن الحادي عشر، شيد المرابطون "الجامع الكبير" و هو نموذج رائع للفن المعماري الإسلامي. و هو يضم خمسة أبواب تؤدي إلى الداخل و صحن دار يطل على المحكمة المالكية القديمة و على مكتب المفتي.
في قاعة الصلاة، يمكننا تأمل المنبر الذي يعود إلى سنة 1098 و الأقواس المفصصة. أما جامع السماكة (لابيشري)، فهو بناية تكتسي نوعا من الخصوصية يقال أن جماعة البحارة شيدته عام 1660 . منبره الذي يعود لجامع السيدة القديم، مصنوع من الرخام المنحوت . و ما يشد النظر كذلك كراسي الأئمة القديمة المصنوعة من الخشب المصبوغ و الثريا المصنوعة من النحاس المرصع و المعلقة قرب المئذنة.
تم تشييد "جامع بتشين" سنة 1622 من طرف القرصان الإيطالي الأصل "بيتشينينو" الذي أصبح فيما بعد أميرالا في الأسطول الجزائري. و يتمتع هذا الجامع بطابع معماري خاص بالمساجد العثمانية.
أما "كاتدرائية القديس فيليب" القديمة، فقد تم تشييدها بين 1845 و 1860 و كان سكان الجزائر يسمونها "جامع النصارى" و قد تحولت إلى مسجد بعد الاستقلال و استعادت اسمها القديم، "كتشاوة" (هضبة الماعز باللغة التركية). تعود أعمدتها و منبرها للجامع القديم. أما الواجهة، المدعمة ببرجين، فيكسوها الطابع المعماري البيزنطي.
في شارع عرباجي، يوجد ضريح الولي الصالح لمدينة الجزائر: سيدي عبد الرحمن. تم تشييد المبنى سنة 1696 . يتكون من القبة التي تضم ضريح الولي الصالح و مسجد ذي مئذنة مربعة و مقبرة مخصصة لرجال معروفين مثل أحمد باي القسنطيني و مصطفى باشا...
من بين المباني التاريخية الأخرى التي كانت تزخر بها مدينة الجزاير القديمة، نجد "حمام سيدنا" و حمامات الداي التي لا تزال تستعمل منذ القرن السادس عشر.
في شرق الجزائر، يضم الساحل الفيروزي خلجانا صغيرة صخرية و شواطئ رملية تحدها أشجار السرو و الفلين و الزيتون. أما شبه جزيرة سيدي فرج، فتضم ميناء مارينا و توفر إمكانية الصيد في الأعماق.
وهران، التي تحدها أراضي الكروم، فهي ثاني أكبر مدينة في الجزائر. هذه المدينة النشطة تضم العديد من النشاطات التجارية و الصناعية حول مينائها.
و لا يزال تأثير الإسبان الذين احتلوا قرابة الثلاثة قرون، باديا للعيان من خلال البنايات الإسبانية-العربية و الإسلامية
والسلام خير ختام