لكل شيء إذا ما تم نقصان * فلا يغر بطيب العيش إنسان
الكمال لله وحده صفة تفرد بها لنفسه جل جلاله . والنقص صفة موجودة لدينا لكل كبير وصغير .
فذو الاحتياج الخاص مهما عانى من نقص في الحياة فلا يجب أن يترك فكرة الاعاقة تسيطر عليه . بل يجب عليه ان يكافح ويجد ليثبث للأخرين أنه سعيد وراضٍ بما أقضاه الله له ولسوف يكون أسعدإنسان . لأنه رضى بما قدره الله له في هذه الحال أسعد الله سبحانه وتعالى ولم يغضبه بالتذمر وعدم الرضى .
فقداختلفت نظرة المجتمعات للشخص المعاق على مر العصور وقبل الاسلام كان يعامل بطريقة غير انسانية بل كانت بعض المجتمعات تعتبره مصدر امراض وكوارث و....
*العصر الإغريقي
شهد التخلص من الأطفال المعوقين عن طريق قتلهم للمحافظة علي نقاء العنصر البشري كما نادي أفلاطون في جمهوريته وكذلك الحال في إسبارطة.
* أما في العصر الروماني
فقد بقي مصير المعوقين بين شيخ القبيلة الذي كان بيده وحده تقرير مصائرهم اعتمادا علي درجة تقدير الإعاقة إلا أنه كان يتم التخلص من المعوقين عن طريق إلقائهم في الأنهار أو تركهم علي قمم الجبال ليموتوا بفعل الظروف المناخية.
*وعندما جاء الإسلام نادي بعدم التفرقة بين البشر وأقامه المساواة كما أكد علي وجوب النظر إلى الإنسان علي أساس عملة وقلبه وليس علي أساس شكله أو مظهره وطلب كف الأذى المعنوي المتمثل في النظرة و الكلمة و الإشارة وغيرها من وسائل التحقير و الاستهزاء.
*ويشير كتاب تاريخ( البيمارستانات) في الإسلام إلي النظرة الإيجابية التي كان ينظر بها أفراد المجتمع الإسلامي للمعوقين ومساواتهم بغيرهم إذ يٌروى أن( الوليد بن عبد الملك )قد أعطي الناس المجذوبين وقال لا تسألوا الناس وأعطي كل مقعد خادما ، وكل ضرير قائدا ولم يهمل المجتمع الإسلامي أمر علاج الإعاقات التي كان لها علاج معروف في ذلك الوقت . وأكد ابن القيم الجوزيه علي أهمية الاهتمام بالطفولة المبكرة وتوفير الرعاية المتكاملة لها ، وحث الأسرة علي ملاحظة نمو أطفالها مما يسهم في الاكتشاف المبكر للإعاقة . وأشار إلي أهمية راحة الجسم من الاضطرابات الانفعالية السلوكية.
وفي العصر الحديث اهتمت الحكومات بذوي الاحتياجات الخاصة من خلال إنشاء مؤسسات إيواء لهم وتعليمهم وتأهيلهم بصورة منعزلة ثم تطورت إلي عملية دمجهم داخل مجتمعاتهم.
ومنذ أن بزغ نور الإسلام انتشر العدل بين الناس وتخلصوا من عباد الناس إلى عبادة رب الناس في منهج متكامل يجمع بين الدين والدنيا ، وقد كانت تلك الحادثة التى وقعت لعبدالله بن مكتوم وهو رجل اعمى جاء للرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان عنده أكابر القوم يدعوهم إلى الإسلام فأعرض عنه ونزلت في حقه آيات عتاب رقيق للنبي لتثبت لنا أن ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين) هم جزء من مجتمعنا ، وأن العناية بهم وتقديم الخدمات المتميزة لهم هي مبدأ من مبادى الإسلام الخالدة .
فقد كان النبي بعد هذه الحادثة يبسط رداءه لابن مكتوم ويقول له مداعبا ( أهلا بمن عاتبني فيه ربي) ، قال تعالى: {عبس وتولى ، أن جاءه الأعمى ، وما يدريك لعله يتزكى ، أو يذكر فتنفعه الذكر}سورة عبس الآية 1-4.
وبالتأمل فى منهج الإسلام نجد أنه يهتم برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين) ويحثنا على ذلك كما يوضح لنا الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح من علماء الأزهر قائلاً : لا احد ينكر أن الإسلام ساوى بين الناس وجعل معيار التفضيل هو تقوى الله عز وجل {إن أكرمكم عند الله اتقاكم}، كما ان الإسلام يؤكد لنا أن الإنسان مكرم في أصل خلقه {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}) الإسراء الآية 70.
فكون أن يخلق الفرد ولديه نقص أو كمال فهو بمشيئة الله قال تعالى {هوالذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم}آل عمران الآية 6.
**من مواقف الحبيب مع ذو الاحتاجات الخاصة موقف رائع فعندما كان متوجهاً بالجيش الى جبل أحد ، اضطر المرور بمزرعة لرجل ضرير، قام هذا الاخير بسب النبي -صلى الله عليه و سلم-، بل وأخذ في يده حفنة من تراب وقال للنبي : والله لو أعلم أنى لا أصيب بها غيرك لرميتك بها ! فهم أصحاب النبي بقتل هذا الأعمى فأبي عليهم -نبي الرحمة- وقال: دعوه فهذا الأعمى أعمى القلب، أعمى البصر "، وهنا لم ينتهز رسول الله ضعف هذا الضرير، ولم يأمر بقتله أو حتى بأذيته،بل عفا عنه ، وذلك لأن ليس من شيم المسلمين الاعتداء على أصحاب العاهات أو النيل من أصحاب الإعاقات، فقد كانت سنة نبينا محمد هى الرفق بهم، والاتعاظ بحالهم.
ذهب عمرو بن الجموح وكان رجل أعرج وله ابناء ، وفى يوم أحد أرادوا حبسه ، وقالوا : له إن الله عز وجل قد عذرك ! فأتى رسول الله- صلى الله عليه و سلم - فقال:إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه . فوالله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة فقال رسول الله : "أما أنت فقد عذرك الله فلا جهاد عليك "، ثم قال لبنيه : "ما عليكم أن لا تمنعوه لعل الله أن يرزقه الشهادة" فخرج مع الجيش فقتل يوم أحد ..
يالروعة أي نحن منهم يا حبذا لو يتأخد الجميع حبيبنا محمد صلى الله عليه قدوته في الحياة لعشنا بحب ومودة ..
لذا أوصيكم و نفسي بتقوى الله و بالمعاملة الحسنة فهي جواز المرور لقلوب كل الناس . وأوجه كلمة اخيرة لكل أنسان يائس إن الأمور وإن تعقدت، وإن الخطوب وإن اشتدت، والعسر وإن زاد، فالفرج قريب:
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [يوسف:110].
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) [الشرح: 5، 6].