المديرة العامة عضو مميز
الجنس : المشاركات : 212 نقاط التميز : 174 تاريخ التسجيل : 22/01/2010
| موضوع: تأثير العولمة الثقافية على الهوية العربية و الاسلامية الأربعاء 10 فبراير - 15:51 | |
| من المعروف أن مشكل الهوية، كان قد طرح للمناقشة و التداول و المعالجة مع بدأيات الاحتكاك بين الحضارتين الغربية و العربية الاسلامية، خصوصا بعد شمول السيطرة العسكرية الغربية على العالمين العربي و الإسلامي، لان الغرب شرع في نشر لغته و نموذجه الحضاري داخل الأوساط الاجتماعية مستغلا الضعف الذي كانت الثقافة العربية و الإسلامية تعاني منه، فعمل الاستعمار الغربي على زيادة تهميش عناصر الثقافة العربية و الإسلامية، و أهمها اللغة العربية كأداة فاعلة لنقل الثقافة و المحافظة عليها، باعتبارها الوسيلة الوحيدة للارتباط بالموروث الثقافي للأجداد، هذا الموروث الذي كان و ما يزال يغذي و يعمق إمكانات التحدي و البقاء، و يمكن من الاستمرارية و يقاوم الذوبان الحضاري. لذلك فمن بين أهم الشعارات التي رفعت في وجه الإستعمار و ساعدت بشكل حاسم في اخراجه و تحقيق الاستقلال، كان شعار، الدفاع عن الهوية. ثم مع الغزو الثقافي المنظم، لم يتوقف الحديث عن الهوية التي يجب أن تحصن أمام هذا الغزو، و عليه فخلال المائة سنة الماضية تقريبا و إلى الآن، لم يتوقف الحديث عن الهوية التي تتعرض لمخاطر الغزو و الاحتكاك و من ثم خطر الذوبان. لكن ما يلاحظ هو أن معالجة هذا الموضوع قد تطورت بشكل ملفت، لان مجموعة من التداعيات كانت قد استوعبت بطريقة ايجابية، و ذلك لان المفكر العربي و الإسلامي تعامل معها على أنها لا تمس جوهر الهوية، و انما هي عناصر تتعلق بالجانب المتحول في حضارتنا و قيمنا و أعرافنا، و بالتالي فأي تأثير عليها سواء بالتطور أو الالغاء و النسخ ليست له مدخلية حقيقية في العناصر الاساسية المكونة لهويتنا العربية و الإسلامية. و قد دعم هذا الاتجاه ضعف تماسك عدد من العناصر التي تروج لها الثقافة الغربية، باعتبارها غير عقلانية أو مناوئة لقيم دينية راسخة و سليمة و منسجمة مع الفطرة الانسانية، لذلك لم تجد الثقافة العربية و الإسلامية صعوبة علمية و عملية في نقد هذه العناصر و الكشف عن تهافتها و الرد عليها بشكل مقنع و مؤثر، و قد استوعبت قطاعات واسعة من الأمة (نخبا و عوام) هذه الردود و اعتقدت في موضوعيّتها و قوتها، مما جعل تلك العناصر الثقافية الغربية (كالالحاد مثلا) تتراجع و ينحسر انتشارها بشكل كبير، بل أن موجات مناهضة للثقافة الغربية شكلا و مضمونا قد عرفت طريقها نحو الانتشار الواسع داخل الاوساط الثقافية و الاجتماعية بشكل عام، و من ثم تعززت مكونات الهوية في الوقت الذي تصاعدت فيه موجات الدعاية للثقافة الغربية. و من المظاهر التي سجلت و أُرخ لها كظاهرة ميزت العقود الثلاث الماضية، ظاهرة المد الإسلامي أو الأصولية كما يسميها الإعلام الغربي، التي انتقد دعاتها بشدة الحضارة الغربية و حملوا على ثقافتها و قيمها و دعوا إلى رفضها و مقاومتها و التشبث بالقيم العربية و الإسلامية و العناية بالموروث القيمي الحضاري لأمتنا. و قد لاقت هذه الدعوات استجابة عريضة داخل الأوساط الاجتماعية و النخب الثقافية بدرجات متفاوقة. وقد اعتبر انتشار هذا المد الصحوي الإسلامي بمثابة رد فعل طبيعي على عقود من التغريب ومحاولة اللحاق و الإستتباع الحضاري الذي حاولت بعض النخب السياسية التابعة ثقافيا للغرب أن تفرضه. كما اعتبر دليلا على فشل مشاريع التحديث الثقافي التي مست الهوية في عدد من عناصرها و التي كانت تستمد مكوناتها الأيديولوجية من الحداثة الغربية و تتغذى من انتاجها الثقافي. و مما لا شك فيه أن ظاهرة الصحوة الإسلامية قد عززت مفهوم الهوية الحضارية و عمقته و كشفت عن امكانات ضخمة تختزنها ذاكرة الأمة الثقافية و وجدانها الداخلي. و أن الضربات المتتالية التي تعرضت لها هذه الهوية لم تكن قاتلة، بل ساعدت على نفض الغبار عنها و تفعيل عناصرها و تزريقها بدماء و حيوية جديدة. و قد سجل كذلك تراجع لعدد من رموز النخب التي كانت تجعل من نفسها وسائط لنقل الثقافة الغربية، بل أصبحت مجموعة منهم من الدعات لرفض الثقافة الغربية و مقاومتها و التشبث بعناصر الهوية العربية و الإسلامية. و إذا كانت هذه الظاهرة الصحوية الداعية إلى التشبث بالهوية و احيائها، قد كشفت من مواقف متطرفة، تدعوا للانغلاق و رفض الآخر بشكل نهائي و قاطع، فإن مواقف أكثر نضجا و فهما للصراع الحضاري و للموقف الحرج الذي تعاني منه الأمة العربية و الإسلامية ليس على المستوى الثقافي فحسب و لكن على المستوى الحضاري العام، كانت قد تبلورت، لأنها و انطلاقا من موضوعية المعالجة شعرت بضرورة التثاقف و الانفتاح على الآخر، لكن بشروط من أهمها تفعيل عناصر الثقافة العربية و الاسلامية، و تنشيطها و الكشف عن خصائصها و مميزاتها، و محاولة تقديمها بحلل جديدة لائقة، تستطيع أن تقاوم و تنافس بل و تنتصر في نهاية المطاف و عدم الخلط بين الثابت و المتحول في ثقافتنا. كما أن النقد الموجه للحضارة و الثقافة الغربية كان اكثر عقلانية و موضوعية، يميز بين ما هو إنساني عام و ما هو خصوصية أنجبتها رحم ظروف التطور التاريخي و الاجتماعي و الاقتصادي الذي عرفته المجتمعات الغربية. لذلك اتسمت هذه الانتقادات بالعمق و تبنتها شرائح واسعة من المثقفين على اختلاف مشاربهم و توجهاتهم الأيديولوجية. فإذن الحديث عن الهوية العربية و الإسلامية و التحديات التي تواجهها من طرف الحضارة الغربية ليس وليد بروز ظاهرة العولمة الثقافية، و انما يرجع كما أسلفنا القول إلى بداية الاحتكاك العسكري و الثقافي مع هذه الحضارة قبل قرنين من الزمان تقريبا، و قد عرف هذا الاحتكاك تطورا اتسم بالمد و الجزر، بالاستجابة الايجابية حينا و بالتصادم و العدوان حينا آخر. لكن ما يميز ظاهرة العولمة هو كون التحديات الآن أخرت بعدا آخر، أكثر شمولية و خطورة، لان الثقافة الغربية امتلكت الآن الوسائل و الأدوات القادرة على الوصول إلى عقل الإنسان العربي و المسلم بشكل دائم و مستمر، و قد امتزجت و تداخلت مع عدد كبير من المجالات الاقتصادية و السياسية و العلمية، لذلك فقدرتها على التأثير أصبحت مضاعفة و غير محدودة. و أمام الإخفاقات التي تعاني منها مجالات الثقافة و الاقتصاد و السياسة داخل العالمين العربي و الاسلامي، فإن أرضية التأثير و الاستيعاب أصبحت مهيئة أكثر لاستقبال موجات الثقافة الغربية و هي تدعو و تنشر قيمها باعتبارها قيما انسانية متقدمة. جاءت نتيجة قرون من تراكم الخبرات و التجارب الإنسانية في اكثر من مجال و على أكثر من صعيد. هذا الوضع الجديد الذي وصل إليه الاحتكاك الذي أخذ طابع الصراع في أكثر الأحيان، و الإمكانات التقنية الهائلة التي تملكها الثقافة الغربية، و الوضع المزري الذي يتخبط فيه العالم العربي و الإسلامي، هو الذي يؤرق النخب المثقفة العربية و الاسلامية، و يجعلهم يتوجسون خيفة من العولمة الثقافية، أكثر بكثير من خوفهم من الغزو الثقافي الذي عالجوه و ناقشوا تداعياته من قبل. فهذه العولمة شاملة و ليست ثقافية فقط، و انما اقتصادية و سياسية، و هذان العنصران يدعمان الثقافة بشكل كبير، لانها بدورها تساعدهما على التجذر و التعمق باعتبارهما خيارات حضارية تستجيب لحتمية التطور. و هذا يشكل تحديا خطيرا للهوية العربية و الإسلامية لم يسبق لها أن تعرضت له بنفس الحجم و القوة و الخطورة. لذلك نجد أن النخب المثقفة العربية و الإسلامية هرعت لمناقشة ظاهرة العولمة الجديدة، لمعالجتها و الكشف عن أخطارها على جميع المستويات الاقتصادية و السياسية و الثقافية و قد عقدت أكثر من ندوة و مؤتمر لمناقشة هذه الظاهرة، كما خصصت مجموعة من الدوريات المتخصصة بشؤون الفكر و الثقافة ملفات لمناقشة تداعيات العولمة و التعريف بها. و كتب الكثير حولها من طرف المفكرين و المثقفين. سنحاول تتبع آراء مجموعة من المفكرين العرب و الاسلاميين حول الآثار السلبية للعولمة الثقافية على الهوية العربية و الاسلامية، وما هي الوسائل التي يقترحونها للحد من تأثير التداعيات المدمرة لهذه الظاهرة الخطيرة التي تعتبر من أهم و أخطر التحديات التي تواجهها الأمة العربية و الإسلامية الآن
| |
|
الكسول مشرف منتدى الخواطر والقصيدة الحرة
الجنس : المشاركات : 871 نقاط التميز : 597 تاريخ التسجيل : 12/12/2009
| موضوع: رد: تأثير العولمة الثقافية على الهوية العربية و الاسلامية الأربعاء 10 فبراير - 21:33 | |
| يعطيك الصحة
بارك الله فيك | |
|
العميل007 عضو أساسي
الجنس : المشاركات : 6271 نقاط التميز : 5308 تاريخ التسجيل : 08/05/2009
| موضوع: رد: تأثير العولمة الثقافية على الهوية العربية و الاسلامية الأربعاء 10 فبراير - 22:00 | |
| | |
|