جدلية قانون (العرض و الطلب) و الأخلاق

جدلية قانون (العرض و الطلب) و الأخلاق يحكى أن أعرابيا كان له محل لبيع كتب إسلامية و أشرطة دينية في شارع ساحلي ، و نظرا لكون المكان تفوح منه رائحة الفسق و العهر و القذارة المنبعثة من الحانات و المراقص الليلية ، فقد كسدت تجارته بسبب قلة الإقبال على بضاعته. فانتهى به الأمر بتغيير محله. ذكرتني هذه الحادثة بالجدلية التي تنتج بين قانون العرض و الطلب من جهة و الأخلاق و القيم الإنسانية من جهة أخرى. و كي لا أدخل في الجدل القديم الذي يطرح السؤال الفلسفي : أيهما يؤثر في الآخر ، العرض أم الطلب ؟ سأتطرق لعلاقة هذا القانون بالأخلاق. قبل عقدين من الزمن تقريبا، و لغاية اليوم كان الكثير من تجار ملابس النساء المحتشمة و تجار الأشرطة و الأناشيد الدينية يعانون من صراع داخلي قبل ولوج هذه المهنة بسبب تشبتهم بمبادئهم و أخلاقهم الإسلامية.فهم واقعون بين مطرقة تحقيق الربح و سندان الطلب الذي لم يكن في صالحهم.و غالبا ما يكون الإسهام في الصحوة وراء اختيارهم تلك البضاعة. تاركين غيرهم الذين يشكلون الأغلبية ، يساهمون في الانحلال الخلقي و الميوعة ببيعهم للملابس القصيرة و الأغاني الماجنة التي لا همّ لها سوى وصف القد و القديد. أما في ميدان الإعلام فحدث و لا حرج ، فقد أصبح معظم العرض قذارة و نتانة ، من أفلام منحطة و أغان مفسدة و برامج هابطة ، و إذا سألت روادها عن سبب بث كل ذلكيجيبون بلا تردد أنهم يلبّون ما يطلبه المشاهدون ، و يستفيضون في التبرير قائلين : أو لمتروا كيف تغص مهرجاناتنا الغنائية بآلاف مؤلفة من المتفرجين ؟ أو لم يأتكم نبأ استطلاعاتالرأي عن عدد مشاهدي قنواتنا ؟ أليست مجلاتنا تحقق الرقم القياسي في المبيعات ؟ و رغم ماقالوا فإن أنصار الإعلام الهادف و الأنشودة العذبة و الصحيفة الداعية لله يثبتون تواجدهم على الساحة بعرضهم و كذا بطلبهم. و إذا طرقنا باب الأدب نجد روايات ساقطة ، لغتها لغة ما تحت الحزام ، يستغل أبطالها مقولة كل ممنوع مرغوب و كذا فراغ الشباب ، لبث سموم أقلامهم في المجتمع ، وإفراغ مكبوت نزواتهم و تصريف نار شهواتهم.إنهم يعمدون إلى كل ذلك لتحقيق الربح السريع و الدخول من باب الشهرة الواسع.و ضد هذه الموجة العاتية و السيل الجارف يصارع حراس القيم من الكتـّـاب و الصحافيين و العلماء الشرفاء من أجل فضح و كشف مؤامراتهم وتلاعبهم بمصير أمة برمّّّـــتها. ختاما أقول أنه ، أمام تقاعس المسؤولين عن أداء واجبهم في صون قيم المجتمع ، بمراقبة ما يبث على الفضائيات و مصادرة كتب العار ، لا نملك سوى تحكيم عقولنا عند كل اختيار. المجال مفتوح لآرائكم و تعليقاتكم و حتى لانتقاداتكم. بعد التعليق على المقال ، لدي سؤال يتعلق بالمنتدى : هل تـُخضع "عرضك"(المواضيع التي تطرحها هنا) للطلب أي حسب النوع السائد أكثر(مواضيع لا تحتاج كثيرا من الجهد في التفكير و لا التحليل) كي تحظى بكثير من المبيعات (الردود) أم تجعل عرضك طرح المواضيع الهادفة الفكرية و الثقافية و السياسية و لو كانت مبيعاتك (ردودك) صفرا ؟

.

بارك الله فيــك
جدلية قانون (العرض و الطلب) و الأخلاق 303211

» الموسوعة الاقتصادية
» قمة الأخلاق هنا
» قمة الأخلاق هنا
» الأخلاق في الإسلام
» الأخلاق الإسلامية وأسسها