«ܔܔ» من يكتب الفرح؟.. «ܔܔ»

من يكتب الفرح؟

السؤال ضروري وليس اعتباطياً، فالحزن له كتابه وكتبته، وله شعراؤه وقاصوه وروائيوه ورساموه وسدنته. فيما الفرح، في أغلب الأحوال، يبقى وحيداً وأسيراً للانتظار، فلا أحد يكتبه أو يقترب منه، وكأن منطقته محظورة وممنوع لمسها وتصويرها.

وإذا صادف ورأيت كاتباً أو شاعراً أو رساماً يتبرع لكتابة وتوثيق الفرح فمن يضمن أنه لن يكون ثقيل الدم كالعادة؟

كتابة الفرح خطرة جداً، بل هي أخطر كتابة في الوجود على الإطلاق، ولو حاولت كتابة الحزن إثارة الدموع والمواجع مثلاً فإن كتابة الفرح، لأسباب موضوعية وذاتية، لا تهدف إلى الغاية النقيضة، أي إثارة السرور وربما الضحك، وإنما ببساطة متناهية، جعل القلب يقفز من مكانه، ويغادر الجسد إلى تخوم تقترب من الجسد نفسه كلما ابتعدت.

ليس المقصود أن يكتب الكاتب موضوعاً ساخراً، أو يؤلف المسرحي مسرحية كوميدية، أو يرسم التشكيلي لوحة تثير الضحك.

وربما كان ذلك كله مهماً ومطلوباً شريطة التمسك بالفن، لكن ذلك كله يمر شئنا أو أبينا عبر ممرات الضجر.

الكوميديا بالذات ابنة الضجر، وسليلة ساعات مريرة من الحيرة والتأمل، والفرح طفل الحياة، مباشرة، بلا جذور وأصول وقابلات. الفرح هبة الحياة، منذ النوافذ الأولى، وحبات المطر الأولى في عهود متوالية تذهب إلى جهة الخلود.

الفرح عنوان يستعصي على الوصف والتقنين والتأطير، وبالرغم من ذلك يدعيه، على مر العصور، كثيرون وكثيرون ويحاولون ويحاولون.

لكن هيهات، فمن يكتب الفرح؟

أبعد من الكوميديا والسخرية وإطلاق النكات مهما كانت راقية ومتفوقة على الورق. أبعد من رص المترادفات السعيدة. أبعد من سوق المتناقضات إلى درجة المفارقة. أبعد من الغناء العذب بحناجر مجبولة بالعذوبة. أبعد من ذروة العالم وخاصرته.

الفرح أبعد، وكتابته أبعد أبعد أبعد..

ولا يكتبه إلا البعيدون، وكأنه عضلة في القلب أو الساعد، تتراءى لصاحبها، شعوراً وانفعالاً وحركة، لكنها تتحول كلما اقترب منها إلى ماء ملطخ بمزيج من قوس قزح والسراب.

فمن يكتب الفرح، والفرح بعيد؟

يعطيك الصحة

بارك الله فيك

» الفرح والحزن
» من يريد أن يكتب اسمه بالدم او اشكال مختلفة فل يدخل .........