إن العنصر البشري أصبح اليوم أحد العناصر الاقتصادية الهامة ، ولذا نجد أن الكثير من دول العالم ركزت على الاستثمار في راس المال البشري وذلك لأنه يحقق عائداً ربما يكون أحياناً أكبر من الاستثمار في راس المال المادي ، ولقد لوحظ أن الدول التي نهضت في جنوب شرق أسيا قد اهتمت بشكل أساسي بالاستثمار في راس المال البشري ( التعليم والتدريب) مما جعل هذه الدول تمتلك القدرة على المنافسة في السوق الدولية.
و لأجدال في أن اليابان كانت رائدة الاهتمام براس المال البشري في شرق أسيا ، فقد حققت هذه البلاد تقدماً هائلاً حتى أصبحت من أكبر الدول الصناعية في العالم اليوم ،وعزا كثير من الخبراء تقدمها إلى مزايا تتعلق بقواها العاملة .
وحيث أن العنصر البشري هو العنصر الأساسي في العملية الاقتصادية، فالموارد المادية لا قيمة لها بدون هذا العنصر والذي يتمثل في المدراء والمخططين والفنيين المهرة وغيرهم ممن يتولى القيام بأعمال القطاعات الإنتاجية، والذي يتم تكوينهم في مؤسستين لهما أهميتهما القصوى في العصر الراهن وهما المدرسة ومركز التدريب .
وهذا ما يحتم على المخطط مراجعة دور المؤسسة التعليمية والتدريبية وتركيز جهود هاتين المؤسستين في المساهمة الفاعلة في تحقيق التنمية وإعداد الكوادر التي يحتاج أليها سوق العمل السوري في الوقت الراهن.
إن التخطيط بما يشمله من تحديد لاحتياجات المجتمع وحصر للموارد المتاحة ومحاولة إشباع الحاجات في ضوء الموارد المتاحة في بلادنا. أصبح أكثر ضرورة وإلحاحا من أي وقت مضى ، ولعل أهم العوامل التي أوجبت ضرورة التخطيط هي الزيادة في عدد السكان وكثرة الداخلين في سوق العمل السوري ، بالإضافة إلى توافر المواد الأولية والتي تشجع على قيام الكثير من الصناعات. وهذا ما يجعل للمؤسسة التعليمية والتدريبية دوراً هاماً وحساساً في إعداد الكوادر المؤهلة لإدارة هذه الصناعات وتنميتها.
لقد استطاع التعليم خلال العقدين الماضيين أن يحقق إنجازات كبيرة ، حيث ساهمت المؤسسة التعليمية في تحقيق أهداف الخطط التنموية في تلك الفترة بشكل إيجابي. ومع كل الجهود التي بذلت في مجال التطوير الكمي والكيفي للتعليم في سورية إلا أن التعليم في واقعه الحالي مازال بعيداً عن تحقيق الآمال المعقودة عليه ، إذ أن التعليم لازال في حاجة إلى المزيد من تحسين نوعيته ورفع مستوى جودته وزيادة فاعليته وإدخال تعديلات جذريه في محتواه ووسائله و أدواته وأهدافه إضافة إلى ربط التعليم بالمجتمع وبمطالب التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
لقد سيطر على التعليم الاتجاه الأكاديمي النظري وهمش الجانب الفني والتقني العلمي. مما أدى في النهاية إلى ضعف مخرجات التعليم من جهة ، أو إعداد كوادر وتخصصات لا يحتاج لمثلها القطاع الخاص. وبالتالي سبب عبئاً على كاهل الدولة واضطراب في سوق العمل.إن الاختلال الموجود بين التعليم وحاجات المجتمع وبالتالي أثر على التنمية الإيجابية في سوق العمل ، كان نتيجة انفصال التعليم بقسميه ( العام والجامعي) عن واقع الحياة .