إن بر الوالدين وصلة الأرحام مما يُرضي الخالق ـ عز وجل ـ والنصوص في ذلك كثيرة، ويكفي قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
( من أحب أن يُنسأ له في أجله ـ أي يُؤخرـ فليصل رحمه )). والشيء الذي لمسته أنا ولمسه كثيرون غيري هو أن جزاء البر والصلة يكون عاجلاً جداً ، ليمثل عاجل البشرى بما ادخره الله من الثواب والجزاء ، وقد حدثني أحد الأصدقاء الثقات أن شاباً جمع مبلغاً جيداً من أجل زواجه ، وذات يوم سمع جلبة وصياحاً على باب داره ، فخرج مسرعاً، فإذا برجل يمسك بتلابيب والد الشاب ويعنِّفه، ويقول له : لن أدعك حتى تقضيني حقي ، فأبعد الشاب الرجل عن والده ، وقال له : دينك عليّ ، وسأذهب وأحضر لك دفعة أولى وقسِّط عليّ الباقي كل شهر دفعة ، ورضي الرجل ، وأخذ المال ، وانصرف ، وقد تأثر الأب لهذا المشهد تأثيراً كبيراً وصار يبكي ، واتجه إلى القبلة ، ودعا الله ـ تعالى ـ أن يُخلف على ولده ما أنفقه أضعافاً مضاعفة ، ولم يمض سوى وقت قصير وإذا بشركة تريد فتح فرع لها في بلدة الشاب ، وأخذ مديرها يبحث عن شخص كفء ، وأمين ليكون رئيساً للفرع ، فذ ُكر له الشاب ، فقابله ، وعرض عليه مرتباً يبلغ أضعاف المرتَّب الذي يتقاضاه في عمله الحالي ، هنا دمعت عين الشاب ، فتعجب مدير الشركة ، وسأله عن سبب ذلك ، فأبى أن يخبره ، ثم ألح عليه وعلَّق إمضاء العقد على إخبار الشاب عن سبب بكائه ، فقصَّ عليه ما جرى له مع أبيه وغريمه ، فتأثر المدير تأثراً شديداً ، وقال له : مهر زواجك وأقساط دين أبيك علينا ، ومرتبك على ما اتفقنا عليه ...!!.
شخص آخر أقسم بعد وفاة أمه أنه ما أعطاها شيئاً من المال إلا أخلفه الله ـ تعالى ـ عليه أكثر من عشرة أمثال !.
أكرموا آبائكم وأمهاتكم ، وأغدقوا عليهم من أموالكم ، واغمروهم بالحب والتقدير والود الصادق ، وكونوا على ثقة كاملة بأن الله ـ تعالى ـ يعِوّض ذلك ، ويبارك في أمور كثيرة ، ولن أقول : جربوا.... فالبرُّ الكريمُ الرحمن الرحيم قد أفاض من خيره وجوده ما يفوق العد والحصر، ورأينا من عوائده الحسنى ما لا يليق معه إلا الإيمان الكامل واليقين التام.