مسبقاً تجميده. لأن بعض أنواع الأسماك يُمكن أن يكون ملوثاً بالطفيليات، والتجميد أحد وسائل القضاء عليها. إلا أن على الإنسان تذكر أن التجميد بحد ذاته لا يقضي على كل الميكروبات، ولهذا فإن الطهي أفضل وسيلة لتنقية اللحوم تلك من الميكروبات عموماً.
وتقول الإدارة إن بعضاً من الناس عُرضة بشكل أكبر لمخاطر تلوث الأطعمة، والبحرية منها على وجه الخصوص. ولذا عليهم عدم تناول اللحوم البحرية النيئة مطلقاً، وعدم تناول ما تم طبخه جزئياً منها، وأيضاً عدم تناول أي من القشريات على وجه العموم. وهم الحوامل والأطفال الصغار وكبار السن ومن لديهم ضعف في جهاز المناعة ومن لديهم تدن في حمضية إفرازات المعدة. كما أن على هؤلاء بالذات أيضاً عدم تناول اللحوم البحرية المُدخنة حينما تُقدم نيئة، مثل أسماك السلمون المُدخنة أو القواقع أو غيرها. حتى ولو تم تجميدها مسبقاً نظراً لاحتمال احتوائها على ميكروب ليستيريا المتسبب بمرض ليستيريوسس listeriosis.
وطهي السمك كما يقول الباحثون من مايو كلينك يكون بتعريض جميع اجزاء السمكة، وصولاً إلى الداخلية الملاصقة للعظم، لحرارة 63 درجة مئوية (145 فهرنهايت) لمدة لا تقل عن ربع دقيقة. أي الذي يفصل لحم السمك إلى طبقات واضحة ويبدو لونها ضبابياً، والذي أيضاً يُحيل لون لحم الروبيان أو اللوبستر إلى الأبيض الحليبي، والذي كذلك يُؤدي إلى فتح أصداف المحار.
* أطباق السوشي.. ليست براقة كما تبدو
* تنتشر اليوم في العالم مطاعم تقديم وجبات الأسماك والحيوانات البحرية النيئة. وتشير الموسوعات العلمية إلى أنها ليست خاصة بالمطابخ اليابانية أو الكورية أو الصينية وغيرها من مناطق شرق وجنوب شرقي آسيا، ففي مناطق من أوروبا عموماً تُقدم أسماك الأنشوفة أحياناً نيئة للتناول، وكذلك شرائح أسماك السلمون والرنجا. وتُقدم شرائح سمكة السيف وسمكة التونا نيئة في بعض الأطباق الإيطالية.
ويعتقد الكثيرون أن تناول الشوسي يعني تناول السمك النيئ. لكن الحقيقة هي أن سوشي Sushi تعني الطعام المصنوع من الأرز المُضاف إليه الخل، سواء أُضيف إلى ذلك شرائح من سمك نيئ أو لم يُضف إليها ذلك. في حين أن شرائح لحم السمك النيئ أو غيره من الحيوانات البحرية كالروبيان، تُسمى ساشيمي usashimi.
وإن كان البعض في المناطق العربية لا يزال ينظر إلى تناول السوشي والساشيمي كمظهر للتطور في تذوق أنواع الطبخ الياباني والصيني، إلا أنها إحدى تقليعات تناول الأطعمة الغريبة التي ثمة حولها إشكاليات صحية، تحتاج إلى تدقيق في مدى إعدادها بطرق صحية.
والملاحظات الصحية المتعلقة بتناول ساشيمي، لحوم الأسماك النيئة، متعددة، إذْ الأصل في السوشي هو تهيئة تناول الساشيمي بطريقة معقولة. ولإيضاح الأمر فإن السوشي يعني إعطاء فرصة لحصول التفاعل الكيميائي بين سكريات الأرز مع بروتينات لحوم الأسماك النيئة من خلال إضافة الخل إلى الأرز المسلوق وغمر لحوم الأسماك النيئة فيه لفترة زمنية معينة. ثم بعد حصول التحلل الجزئي لبروتينات لحوم الأسماك النيئة واكتسابها من الأرز والخل نكهة وطعماً يُسميه اليابانيون بالـ "ياممي" umami، باعتباره النوع الخامس من أنواع الطعم. أي بالإضافة إلى الحلو والحامض والمر والمالح. وكان اليابانيون في الأصل يتناولون لحوم الأسماك تلك بعد هذا كله دون تناول الأرز الممزوج بالخل. والمعتقد اليوم أن الطريقة القديمة لليابانيين في السابق كانت كفيلة بالقضاء على الميكروبات في لحوم الأسماك النيئة. وهو ما يُمكن من تناولها دون أي تبعات صحية مستقبلية.
لكن لضرورات تسويقية ولتحبب الشعوب الأخرى في تلك الأطباق اليابانية، تطورت طرق إعداد السوشي باستخدام الساشيمي النيئ، ووصلنا إلى طريقة مُطورة لا علاقة لها بالسوشي الأصلي. وأصبحت اللحوم النيئة للأسماك والحيوانات البحرية تُضاف كطبقة الغطاء على كتلة هندسية من الأرز الياباني الممزوج بقليل من الخل. ومن النادر أن تتأثر كامل تلك الطبقة من لحم الأسماك النيئة بالخل.
ولذا حينما راجع الأطباء في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا هذه الطرق في تقديم لحوم الأسماك نيئة بكل معنى الكلمة، فإنهم حاولوا إيجاد حلول تُؤمن قدراً معقولاً من نقاء اللحوم هذه من الميكروبات وفي نفس الوقت تسمح بإبقاء تلك الأطباق على طريقتها في الإعداد. وكان اشتراط أن يتم تجميد لحوم الأسماك أو غيرها إلى درجات متدنية من الحرارة ولمدة أيام، ثم الحرص الشديد على إزالة التجميد عنها ببطء شديد وليس بسرعة. وذلك لضمان القضاء على الطفيليات وليس الفيروسات أو بعض من أنواع البكتيريا.
ولأنه، لا ضمانة حتى اليوم في اتباع هذه الإرشادات بدقة، فإن العديد من المصادر الطبية العالمية لا تزال تحبذ وتُذكر الناس بأن من الأفضل ترك تناول السوشي المحتوي على ساشيمي.