نصائح التجول والتنقل في مراكش المغربية
حتى لا تتحول الجولة إلى كابوس
حتى لاتتحول جولتك، عزيزي السائح، وأنت في مدينة مراكش، إلى قلق وضجر، ربما سيكون عليك أن تستمع إلى بعض النصائح، ممن سبقوك إلى زيارتها، أو أن تطلب رأي مغاربة قد تصادفهم في الشارع العام أو تضعهم ظروف الإقامة والتجوال في طريقك.
علينا أن نتفق أولاً، على أن الإنسان هو نفسه الإنسان، سواءٌ أكان صوماليا أو فرنسيا أو عراقيا أو استراليا، أو حتى من أقصى الشرق. الطبيعة الإنسانية واحدة، والاختلاف يكون في النسب، فقط : نسبة الطيبوبة، نسبة الوفاء، نسبة إتقان العمل، نسبة الإنسانية في التعامل بين إنسان وآخر بغض النظر عن عرقه أو لونه أو جنسيته أو مستواه المعيشي.
التجول في مراكش، مثلاً، يمكن أن يتحول إلى كابوس يُنفرك من المكان وناسه. مراكش هي مدينة ممتدة بتاريخها وآثارها وفنادقها وساحاتها، عبر جغرافية تتطلب من زائرها تنقلاً عبر الحافلات وسيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة والعربات المجرورة أو «الكوتشي»"، وهو الاسم الذي يطلقه المراكشيون باللهجة العامية على عربة النقل المجرورة بفرس واحد أو اثنين.
إلى الحافلات وسيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة وعربات الكوتشي، هناك حافلات مكشوفة، للنقل السياحي، تابعة لشركة أجنبية. كما أن هناك حافلات للنقل الحضري، معروفة بحافلات «ألزا»، وهي تخيط المدينة والضواحي، على مدار ساعات النهار.
إلى كل هذه الوسائل الخاصة بالتنقل وتقريب المسافات، لاشيء يعادل أن تتجول في مراكش على الاقدام : رياضةٌ واقتصاد للمال ودفعٌ لهَم يتْبعُه غمٌ قد يدفعك إليه سائق جشع لا يعير كبير اهتمام لسمعة مراكش السياحية ولا لنفسية وذكاء السائح. بعض سائقي سيارات الأجرة لا يشغلون العداد. بعضهم متخصص في نقل السياح. يمكن لأحدهم أن ينتظر ساعات طويلة حتى يظفر بزبون أجنبي يقله إلى الوجهة المطلوبة. لا بد أن يكون هذا الانتظار الطويل مدعاة لطرح أسئلة بخصوص التسعيرة ومدى شرعيتها.
لنتفق، أولاً، على أن العداد هو الحَكَم بين الراكب وسائق سيارة الأجرة. في هذه الحالة، يتوجب على السائق أن يُشغل العداد، ولا يجوز له أن يطلب مقابلاً قبل أن يتحرك بالزبون إلى وجهته المرغوبة. للزبون كامل الحق في أن يطلب تشغيل العداد، كما يمكنه أن يطلب من السائق أن يتقي الله في نفسه وفي مدينته. الصراخ في وجه سائق جشع هو مساهمة في دفع عادة سيئة. يمكن للسائح أن يهدد السائق بتسجيل رقم سيارته وتقديم شكوى للمصالح المختصة، كما يمكنه أن يفكر في أية وسيلة تجعل السائق الجشع يتوقف مضطراً أمام أي رجل شرطة، يكون عليه أن يقوم بواجبه في ردع السائق. من المؤكد أن السائح سيحس وقتها بالراحة.
بالنسبة للعربات المجرورة، لابأس أن يسأل السائح مسؤولي أو مستخدمي الفندق الذي ينزل به عن الثمن التقريبي لجولة عبر المدينة. سائقو العربات المجرورة ليس لديهم عدادٌ يشغلونه. كذلك هو حال سيارات الأجرة الكبيرة. عدادهم الوحيد هو تفاهمهم مع الزبون. أقصى مقابل، بالنسبة لعربة الكوتشي، قد لا يتعدى المائة درهم. ذلك يعتمد على المسافة المراد قطعها وعلى أريحية السائح. في هذه الحالة يصير سقف المائة درهم سقفاً معقولاً للسائق وللزبون.
وإذا كان للعربات المجرورة رونقها وشاعريتها من خلال إيقاع سرعة الخيل وهي تجول عبر المدينة وشوارعها، فالحافلات المكشوفة المخصصة للنقل السياحي تحدد لها أثمان ومدارات تلبي انتظارات السياح في زيارة الأماكن التي تؤثث للمدينة الحمراء، عبر خطين ومدارين سياحين : «مراكش رومانتيك»، عبر سبع نقط للتوقف أو الانطلاق، تقود السائح عبر حدائق ماجوريل والبالموري، و«مراكش مونيمانتال»، عبر ثماني عشرة نقطة انطلاق ووصول، تقود السائح عبر أسواق المدينة وساحاتها، وصولاً إلى حدائق المنارة والكتبية وساحة جامع الفنا وقصر البديع وقبور السعديين والمأمونية وشارع جليز.
من مميزات حافلات النقل السياحي المكشوفة أنها مجهزة بنظام استماع فردي متعدد اللغات مع صوت رقمي بثماني لغات، هي العربية والفرنسية والانجليزية والاسبانية والألمانية والايطالية واليابانية والبرتغالية. ومن حسناتها، كذلك، أنها توفر على السياح مصاريف عدة من بينها أجرة المرشد السياحي، إلى جانب تفادي الوقوع في عمليات ابتزاز مالي من طرف بعض الجشعين.
قبل كل شيء، سيكون على السائح، عند نزوله ضيفاً على مراكش والمغرب، أن يضبط أمر المستوى المعيشي للبلد الذي سينزل به سائحاً ويحدد الفارق في الأثمان، لأجل أن يتعامل على ذلك الأساس. ذلك أن جولة بسيارة أجرة، تقل السائح عبر أزقة وشوارع أمستردام أو واشنطن، مثلاً، لن تكون بنفس ثمن جولة تقوده عبر أحياء وشوارع وساحات مراكش. يمكن للسائح أن يُعول على أريحيته لنفح النادل أو السائق دراهم زائدة. عندها سيكون مرتاحاً وهو يقوم بذلك عن طواعية، من دون أن يشعر بغصة في الحلق، فقط لأن المغربي الذي تعامل معه كان جشعاً فاستغفله.