تعد المنشآت المتوسطة والصغيرة من أهم الدعامات للاقتصاد، فتلك المنشآت توظف نحو 70 في المائة من قوة العمل في القطاع الخاص، وتمتاز وظائفها بالثبات عكس المنشآت الكبرى. وتحرص المنشآت الكبرى على دعم المنشآت الصغرى، ليس لسواد عيونها ولكن لأنها تخدم المؤسسات الكبرى، فمثلا شركة تصنع البتروكيماويات هي بحاجة إلى ناقل، وأسطول النقل يكلفها رقابة وتوظيفا وصيانة وغير ذلك، ويخرج الشركة عن التركيز على نشاطها الأساسي، بينما المنشأة الصغيرة تدير المرفق المساند بكفاءة أعلى.
وفي السعودية قامت شركة «أرامكو» السعودية بدور مهم في هذا الشأن وشجعت مقاولين صغارا أصبحوا فيما بعدُ رجال أعمال كبارا، ومنهم رجل الأعمال سليمان العليان، رحمه الله. ولمعرفة رجال الأعمال بأهمية مثل هذا النوع من المنشآت عملوا على قيام إدارات خاصة لها في الغرف التجارية السعودية، تقدم النصح والمشورة لأصحاب مثل هذه الشركات. وقد حاولت غرفة الرياض خدمة هذه المنشآت عبر توفير قروض ميسرة من البنوك، وقامت بطباعة برشور إرشادي بمسميات هذه البنوك، ولكن حقيقة الأمر أن البنوك استفادت إعلانيا من البرشور ولكنها لا تقدم أي خدمة فعلية للمنشآت الصغيرة، بل تعاملها بشروط أقسى من غيرها خوفا على ضياع تمويلها. ونحن لا نرغب في ضياع مستحقات البنوك، ولكننا نظن أن البنوك تتشدد أكثر مما يجب في إقراض هذه المنشآت الصغيرة. يضاف إلى ذلك أن بعض مسؤولي البنوك ليس لديهم وعي بمثل هذه المنشآت، وبنوك أخرى لا يوجد لديها إدارات متخصصة لتمويل مثل هذا النوع من المنشآت، كما أن بعض مسؤولي البنوك ليس لديهم إلمام بفرص المنشآت الصغيرة. إن وجود طلب على التمويل يجعل البنوك السعودية لا تحرص على تمويل المنشآت الصغيرة، ولكن المنشآت الصغيرة في حقيقة الأمر هي من زبائن البنوك الذين يساعدون في رفع ربحية البنك، والبنك الذكي هو من يسبق غيره في السيطرة على هؤلاء الزبائن. نعم، سيضيع جزء من التمويل في منشآت صغيرة فاشلة، ولكن هذا جزء من مخاطر عمل البنوك