كلمة الرياض
الحرب التي لن تنتهي!!
يوسف الكويليت
مع التطور التقني أصبحت الحروب بأشكالها المعلنة والسرية تخضع للعقول وليس للعضلات ، وقد كسب العلم والفكر المنهجي وتحرير الإنسان، البعد الأوفر في صياغة الأنظمة والتوجهات وعبور العقل للمسافات البعيدة وحتى الخفية والمغلقة، والكشوفات للكون والإنسان..
هذه السطور مقدمة لما يجري من حرب استخبارات بين العرب وإسرائيل، وقد سجلت الأخيرة الكثير من نقاط الفوز حتى أنها وصلت إلى مفاصل الحكومات ومراكز الإدارة السرية من استخبارات ومباحث ووصلت إلى توظيف طابور كبير من العرب في لعبة الكسب المنطقي للعمل المؤسس على العقل والفكر..
في الوقت نفسه عندما كشف المصريون كيف لعب رأفت الهجان الأدوار الخطيرة كيهودي مصري ثم ما جرى في حرب ١٩٧٣م عندما استخدمت في شفرتها السرية لغة النوبة في المراسلات والتوجيهات والتي فاجأت إسرائيل كان رد الفعل مراجعة لكل ما جرى ويجري، وقطعاً كل لديه أدواته، لأن العقل لا تميزه التصنيفات العرقية وألوانها، فهو موجود في كل أمة وإنسان والقيمة الفعلية باستثماره، وهنا نأتي على آخر الحروب السرية، وهذه المرة في البطن الرخو، كما تسميه إسرائيل، أي لبنان، لكن كشف الخلية الاستخباراتية التي وظفتها أجهزة تل أبيب ووصل إلى أسرارها عناصر الأمن الوطني اللبناني يعد رد اعتبار وإنجازاً مهماً إذا عرفنا كيف استخدمت إسرائيل حيلها وتقنياتها المخفاة في علب حليب وأدوات للاستعمال العام التي لا يخلو منها أي منزل، ولا يمكن استنكار حملها بأي مكان فإن اللبنانيين وضعونا أمام تطور جديد نأمل أن يستمر وألا تكون الصدفة وحدها هي التي وصلت إلى تلك الخلايا، وكشفها..
وكما أن استخدام التجسس وسيلة حرب تدعم التنافس السياسي والتقدم العلمي في صناعة الأسلحة، فإن المعسكرين الشرقي والغربي، كانا الأهم في توظيف الأموال والعقول، وإنشاء أحدث المدارس لما سمي الحرب الباردة..
في المنطقة العربية نحن لا نزال في مراحل ما بعد الأمية في تنمية حوائط الصد الأمنية عندما تحولنا إلى ساحات حروب وتمرير معلومات واستخدام أراضينا وأجوائنا وحتى بعض مواطنينا، أدوات لنشاط الاستخبارات العالمية، كذلك المنظمات الفلسطينية التي تواجه أكبر التحديات عجزت عن الوصول إلى الطابور الخامس الفلسطيني داخل العمق التنظيمي والعسكري مما أعطاها حرية اختيار الأهداف حتى الذي داخل الغطاء السري للحكومة الفلسطينية.
صحيح أن إسرائيل قاعدة للغرب في الرصد وتبادل المعلومات والبحوث وتنمية القوى البشرية، لكن ذلك لا يمنع أن نصل إلى الحلقات نفسها بوسائط مستوردة، أو بقدرات ذاتية والمسألة ليس فقها تفوق بين فصيلين بشريين، وإنما من التصميم والتخطيط ووضع الأهداف العليا فوق أي اعتبار مادي أو فئوي، وحتى ننتصر على الواقع فهل في نية العرب خلق مؤسسات تملك الاتجاه الواحد والعمل الواحد؟!