المطامع الإيرانية في البلدان العربية
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران : 102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء : 1]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب : 70-71]
أما بعد فإن خير الحديث كلام الله ،وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار أما بعد:
يقول رب العالمين في كتابه الكريم: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } [الفتح : 29]
أخبر الله في هذه الكريمة أن الله أصطفى أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام واختارهم لصحبة هذا النبي الكريم من أجل أن يغيظ بهم الكفار وذلك بسبب ما يقوم به هؤلاء الصحابة من نصرة الله ودينه ورسوله فهم أهل الهجرة وأهل النصرة وهم الذين بذلوا النفس والنفيس وهم الذين فتحوا الدنيا بإذن الله رب العالمين هذه الآية أنها أخبرت أن الله جعل الصحابة رفقاء رسوله ليغيظ بهم الكفار ، وقد حصل هذا فالصحابة قاتلوا مع رسول الله الكفار حتى توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام، فآلت الأمور إلى أن أبا بكر صار الخليفة رضي الله عنه فارتد من ارتد عن الإسلام وامتنع من امتنع عن الصلاة والزكاة ،فقام الصحابة بقتالهم حتى ردوهم إلى الإسلام ثم توجه الصحابة بعد ذلك إلى الدولتين العظيمتين آنذاك التين لا أكبر منهما ولا أعظم منهما في ذلك العصر إلى دولتي الفرس والروم، فقاموا بمنازلة تلك الدولتين حتى حطموهما ودخل الناس في دين الله أفواجاً فكانوا مفاتيح قلوب بدعوتهم إلى الإيمان وإلى إتباع سنة سيد ولد عدنان ،وكانوا كذلك أهل شجاعة حينما قاتلوا الكفار وفتحوا البلاد بالسيف والسنان، فلهذا أيها المسلمون صار الصحابة في التاريخ في تاريخ المسلمين لا أجل منهم ولا أشجع منهم ولا أتقى لله منهم ولا أفضل منهم ولا أثبت على شرع الله منهم بعد الأنبياء والرسل رضي الله تعالى عن الصحابة جميعا، هذا الذي فعله الصحابة أغاظ الكفار أيّما إغاظة وصار الكفار يحملون في قلوبهم ما يحملون على المسلمين بدأً بالصحابة.
أيها الأخوة كما تعلمون أن الرافضة تكفر كثيراً من الصحابة ويأتي هنا السؤال لما تكفر الرافضة كثيراً من الصحابة؟؟ وهذه منزلتهم وهذه أعمالهم وقد قال فيهم سيد الأولين والآخرين
( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ )) رواه مسلم
من يكون المسلمون بجانب الصحابة وبعض الصحابة إذا قسناهم بالصحابة رضي الله عنهم
الجواب عن هذا السؤال :
أن الفرس لما أخذ ملكهم على أيدي الصحابة رأوا أنهم يكيدون ولا بد في نظرهم أن يكيدوا للإسلام وأهله ورأوا أنهم يسعون إلى أن يتوصلوا إلى أن تكون الإمامة والخلافة بأيديهم على المسلمين ،هاتان طريقتان اتخذتهم الرافضة لغرض الوصول إلى تحقيق هذين الأمرين فما الذي جرى ؟
حصل أن عبد الله بن سبأ اليهودي الذي تظاهر بالإسلام وهو على الزندقة أظهر الإسلام وأبطن الكفر وقال سأعمل في دين المسلمين مثل ما عمل بولوس أحد أجداده القدماء من اليهود مثل ما عمل بولوس بدين النصارى يعني مثل ما قام بولوس وادعى ان المسيح الله وأن المسيح ابن الله وأن مريم هي الله إلى غير ذلك مما وضعه بولوس فقال عبد الله بن سبأ وكان أول ما بدأ به أن بدأ بالطعن في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وبدأ يسبهما وكان هذا الطعن في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد صحت الآثار أن عبد الله بن سبأ لما كان يسب أبا بكر وعمر قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قام بنفسه إلى المدائن رضي الله تعالى عن علي ،فمن ذلك الوقت تأسس السب في ديار الصحابة وفي أعظمهم خيرية وأعظهم نفعاً للإسلام والمسلمين في أبي بكر وعمر ، ثم استمرت السبأية تطعن في الصحابة بدأً بأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عن الصحابة، ثم بعد ذلك اتجه بعد ذلك عبد الله بن سبأ إلى طريقة أخرى يستطيع بسببها أن تكون الإمامة بيديه ومن معه فمن الذي قال: إن الإمامة حق إلهي وقال إن النبوة ما تزال في آل الرسول في علي وذريته وما دامت الإمامة حق إلهياً وما دامت النبوة باقية في علي وذريته قالوا فهم أحق بالإمامة وأحق بالخلافة في الأرض ثم قالوا إن الصحابة انتزعوا الخلافة من آل بيت النبوة إذاً فدعوا الناس إلى أن يسبوا الصحابة ويكفروهم لهذا الغرض وبهذه الدعوى أن الصحابة أخذوا الخلافة على آل بيت النبوة ،والخلافة كما تعلمون أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يوصي بها لأحد وإنما الأمر بين المسلمين يختارون من اختاروه كما اختاروا أبا بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عن الصحابة جميعاً ،فصار عبد الله بن سبأ مؤسساً لأمرين اثنين :
الأول : للكيد بالمسلمين والفتك بالمسلمين وذلك عن طريق تأسيس الفرق والأحزاب التي تسعى في إزالة المسلمين والإضلال فيهم .
الثاني: في الدعوة إلى أن بيت آل النبوة هم معهم الإمامة من عند الله وأنهم أنبياء ورسل بل جعل عبد الله بن سبأ الأئمة من آل بيت النبوة جعلهم آلهة وجعلهم أرباباً ولهذا قالت السبئية في علي إنك أنت الله، فجرى من علي أن أحرق كثيراً من السبئية لما أصروا على قولهم أن علياً هو الله رضي الله تعالى عن علي ،هذه القاعدة وهذا هو الأساس الذي تأسس عليه الرفض وقام عليه الرفض .
أيها المسلمون فلما ظهرت هذه الدعوة في آل بيت النبوة وهذا الغلو وهذا الكذب عليهم وأمثاله ما كان من آل بيت النبوة إلا أن وقفوا ضد الرافضة وقوفاً مشرفاً بدأً من عند علي ابن أبي طالب وهكذا استمراراً إلى عصرنا هذا وسيستمر إلى أن تقوم الساعة أما عليٌ فقد أحرق كثيراً من السبئية وهذا أمر ليس بالقصص التي لا خطام لها ولا زمام، بل هذا صحيح بالأسانيد الموثقة أن هذا حصل، وأن عبد الله بن سبأ فقد طرد شر طردة إلى المدائن، كذلك أيضاً هذا علي بن الحسين الملقب بزين العابدين كما جاء عند ابن ابي عاصم بالسنة بسند صحيح انه قال مخاطباً الرافضة : " يا أهل العراق أحبونا حب الإسلام إن حبكم صار عار علينا " حينما يقولون إنهم أنبياء وإنهم معصومون وإن الخلافة فيهم ولا تخرج عنهم إلى غيرهم قال صار حبكم عار علينا، وهذا الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب كما جاء عند الآجري بالشريعة بسند جيد أنه قال مخاطباً الرافضة: " والله لئن مكننا الله منكم لنقطعن أيديكم وأرجلكم ولا نقبل لكم توبة " لأنكم مرقتم فينا كما مرقت الحرورية في علي رضي الله تعالى عن علي وهذا أيضاً عمر بن علي أحد أئمة آل بيت النبوة وهو يرد عليهم حينما ادعوا أشياء إليهم وادعوا أن الخلافة أوصوا بها علي لذريته قال : " والله ما أوصى ولا بحرفين ولكن هؤلاء يتأكلون بنا " وهذه القصة أثرها حسن الحكم على أثرها بأن السند حسن كذلك أيضاً جاء عن جعفر الصادق وهو من أئمة آل البيت قال وهو يتكلم على الرافضة : " ويلٌ لمن كذب علينا يقولون عنا أشياء لم نقلها فإنا برءا منهم " هذه من مواقف آل بيت النبوة ضد الرافضة لما ظهرت في ذلك الوقت فلما أسست الرافضة أمرين أثنين تكفير كثير من الصحابة وأسست ادعاء أن الإمامة حق إلهي وأنها محصورة في علي وذريته هنالك صاروا يحاربون المسلمين على هذا وأصروا على هذه العقيدة عقيدة التكفير لكثير من الصحابة حتى قال العلماء إن من أعظم أصول معتقدات الرافضة التكفير لمن لم يقبل الرفض الذي هم عليه، ولتستمع معي إلى هذا الموقف مع أحد من كبار آل بيت النبوة وهو زيد بن علي رحمه الله تعالى لما دعته الرافضة من العراق وكان في المدينة إلى أن يقدم عليها وأنها ستناصره وتؤازره وقد أعدت جيوشاً بعشرات آلاف لمناصرته ما الذي حصل؟
فقد جاء في الآثار وبأسانيد صالحة للاحتجاج مشهورة منتشرة في كتب السير والتواريخ أن زيد بن علي رحمه الله لما التقى بالسبئية التي دعته قالت له السبئية: