رياضة .. ووطن
لمحبتي للرياضة أصبحت شاهد عيان على ممارسات عدائية في نهاية بطولة الكأس في كرة اليد ''بطولة نظمي السعيد'' التي جرت في صالة قصر الرياضة مساء يوم الإثنين 11 /5 / 2009 بين الفريقين المتأهلين، وذلك عندما انهارت في آخر خمسة عشر ثانية قيمٌ رياضية كثيرة، فدخل جمهور متعصب لأرض الملعب يضرب جمهور النادي الخصم (عشرة أشخاص) ويمارس كل شيء على لاعبيه، فحزنت وتذكرت كم نحن مقصرين مع بلدنا ومع إنسانيتنا عندما تركنا نفس الأشخاص يعيثون فسادا مثل هذا في ملاعبنا لفترة طويلة من الزمن، والمسؤولية لا يعفى منها أحد.
ساءلت نفسي لماذا لا نستطيع إبعاد المسيئين؟ وتذكرت مقابلة تلفزيونية أجرتها محطات التلفزة البريطانية مع رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت السيد جون ميجور عندما كانت أجواء كرة القدم البريطانية تعاني من مجموعة من المتعصبين الذين أطلقت الصحافة عليهم لقب (هولوجانز) حين امتد شغبهم ضد جماهير الأندية الأوروبية وابتدأت مجموعاتهم تنتشر فيما يشبه العدوى مما أقلق المسؤولين على كافة المستويات، لقد سألته الصحافة عن موقف الحكومة البريطانية من هؤلاء المتعصبين فأجاب: لن نقف مكتوفي الأيدي ضد الذين يخربون أجواء رياضة كرة القدم التي نحبها والتي أصبحت صناعة للبلد، وسنلاحقهم في أماكن تواجدهم وفي بيوتهم إلى أن نقضي على هذه الظاهرة السيئة''. وهكذا أخذت موجتهم في الإنحسار عندما لاحقتهم شرطة مكافحة الشغب في أماكن تواجدهم وبنت قاعدة من المعلومات عنهم وبدأت في منعهم من دخول المباريات في بريطانيا، ومنعتهم من السفر لحضور اللقاءات الأوروبية لتمنع أذاهم عن الجماهير الأوروبية، بل وامتدت المكافحة لتعقب مراسلاتهم على شبكة الإنترنت، وهكذا كان، فشاهدنا مساء يوم الأربعاء 8/5 كيف خسر فريق تشيلسي حظوظ تأهله لبطولة أوروبا من قبل فريق برشلونة عندما تعادل معه في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع، فلم يضرب أحد ولم يتم إيذاء أي لاعب وسادت أخلاق الرياضة بأسمى معانيها.
إن تجاوز هذه الحوادث في أي ملعب أو مكان لا يتم بالطبطبة ونسيان ما حدث وكأن الجرم يقع على المجني عليه عندما يطالب بتعديل المسيرة وإيقاف هذا المسلسل السيء!! لقد كان أحسن تعبيرٍ حول ما جرى في ملعب كرة اليد هذه الكلمات العفوية التي قالها مغترب أردني أمام مندوب راعية البطولة '' أنا كنت لاعبا في النادي العربي في إربد، وتعرضت لمثل هذا عام 91 ، حضرتُ اليوم مع ابنتي الصغيرة لأشاهد مباراة جميلة في لعبة أحبها، ولم أعرف أنني سأتعرض وابنتي لهذا الرعب، أنصح إتحاد اللعبة بالاستقالة أو باستقالة مدير الأمن العام بسبب ما حدث اليوم، لن أسمح لنفسي بالحضور مرة اخرى لمباراة أخرى''.
إذا كان مجتمعنا ومسؤولينا والرياضيين والأمن العام يريدون الخير لبلدنا فإننا بالتأكيد سنصل إلى حلول مفيدة لنساعد على أن تتحول الرياضة إلى شيء نفخر به ويعمل على تحسين المزاج العام فلا تتحول المباريات والمناسبات الرياضية لمكان نتبادل فيها الأحقاد ونوزعها على المجتمع، خاصة وأننا نعرف المسببين والمسهلين والمتعاونين والذين يغضون الطرف معتقدين أنهم بهذا يحققون البطولات وهم لا يعرفون بأن هذه البطولات لا تستحق نظرة هلع في عين طفل أو شاب، ولا تستحق قطرة دم واحدة من أي مواطن، ورحم الله الشاعر الذي قال (لا يكن قلبك للحقد مأوى، إن قلبي للحب أصبح معبد)، فهل نستطيع أن نحول ملاعبنا لمعابد نتبادل فيها الود والتقدير بدلا من مشاعرالحقد واللكمات، نعم إننا نستطيع ولكن إذا عملنا جادين لهذا، مصلحتنا وبلدنا ومواطنتنا وإنسانيتنا ومعانٍ جميلة أخرى في مجتمعنا تستحق ذلك، هيا نوقف الأذى والحقد فنلتقي متحاورين لوضع مسارات لحلول سهلة وجادة.
والله الموفق،
سعيد شقم
http://www.alrai.com/pages.php?articles_id=29157
منقول وبتصرف من صحيفة الراي الاردنية