رغم الانتعاش النسبي الذي حظي به سعر الدولار في أخر تعاملات الأسبوع بعد وصوله لأدنى مستوياته أمام اليورو منذ نحو الشهرين إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن العملة الأمريكية قد شهدت أمام العملات الرئيسية أسوأ أداء لها خلال 25 عاما.
فقد ألقت الخطوة الجديدة التي أعلنها بنك الاحتياط الفيدرالي والتي تستهدف تعزيز السيولة في الأسواق بظلالها على أداء الدولار خاصة وأن حجم عمليات شراء سندات الخزانة والتي يعتزم المركزي الأمريكي القيام بها قد جاء متجاوزا توقعات كافة المراقبين.
فقد أعلن الفيدرالي عزمه على شراء سندات خزانة بقيمة تصل إلى نحو 300 مليار دولار بجانب سندات رهن عقاري بقيمة 750 مليار دولار حيث ستسهم بشكل غير مباشر في رفع حجم السيولة النقدية بالأسواق. غير أن تلك الخطوة المقرر اتخاذها والتي من شأنها أن تسهم في دعم المركز المالي لبنك الاحتياط الفيدرالي ستؤول في المقابل إلى إضعاف عمليات شراء الدولار خاصة عند الأخذ في الاعتبار الفجوة في مستويات العائد بين العملة الأمريكية وأدوات الاستثمار الأخرى فضلا عن أن الإجراء الجديد لـ "الفيدرالي" سيحد بشكل كبير من وضعية الدولار كملاذ آمن للاستثمار في مواجهة الأزمة المالية الراهنة.
ويشير تقرير أوردته صحيفة الـ "فاينانشال تايمز" عبر موقعها الاليكتروني إلى أن مؤشر الدولار والذي يرصد قيمة العملة أمام سلة من العملات الرئيسية قد تراجع خلال الأسبوع الأخير بنحو 4% وهو ما يعد أسوء أداء لمؤشر العملة منذ العام 1985 فقد هبط سعر الدولار بحوالي 4.8% أمام اليورو خلال الأسبوع مسجلا أدني مستوى له منذ نحو شهرين حيث بلغ 1.3535 دولار لليورو كما انخفض سعر العملة الأمريكية بحوالي 3.1% مقابل الاسترليني ليسجل 1.4404 دولار وأمام العملة السويسرية تراجع بحوالي 5.2% ليبلغ 1.1253 فرنك و 2% مقابل العملة اليابانية ليسجل 96.09 ين.
ويرى المحللون أن القرار الأخير الذي اتخذه الفيدرالي والذي من شأنه ضخ سيولة مالية للأسواق قد عزز وجهات نظر أصحاب الأراء المتشائمة تجاه تحركات الدولار حيث يرون أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى ظهور مشكلة تضخم في الولايات المتحدة على المدى الطويل.
ويرى أحد الخبراء لدي مصرف "كوميرز بانك" أنه على المدى المتوسط لن يكون هناك مبررات للمخاوف من ضغوط التضخم في السوق الأمريكي غير أنه من المرجح ارتفاع التضخم خلال الشهور المقبلة.
وأضاف أن كل من بنك انجلترا وبنك اليابان والمركزي السويسري قد بدأو بالفعل في انتهاج سياسة مماثلة لتلك التي يتبعها بنك الاحتياط الفيدرالي كما أن احتمالات إقدام "المركزي" الأوروبي على خطوة مشابهة ستتزايد خلال الشهور المقبلة حيث قد يتبنى أحد الصيغ التي من شأنها العمل على رفع مستويات المعروض النقدي ودعم السيولة المتاحة.
ومن هنا فإن احتمالات حدوث مكاسب ملموسة للعملة الأوروبية مقابل الدولار على المدى القصير ستكون محدودة خاصة مع استمرار مؤشرات الانكماش الاقتصادي في دول منطقة اليورو