فترة الوحي
أما مدة فترة الوحي فروى ابن سعد عن ابن عباس ما يفيد أنها كانت أياماً وهذا الذي يترجح بل يتعين بعد إدارة النظر في جميع الجوانب وأما ما اشتهر من أنها دامت طيلة ثلاث سنين أو سنتين ونصف فلا يصح بحال وليس هذا موضع التفصيل في رده .
وقد بقي رسول الله في أيام الفترة كئيباً محزوناً تعتريه الحيرة والدهشة فقد روى البخاري في كتاب التعبير ما نصه : وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي فيما بلغنا الحزن عدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل فقال : يا محمد إنك رسول الله حقاً فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غداً لمثل ذلك فإذا أوفي بذروة الجبل تبدي له جبريل فقال له مثلك ذلك .
جبريل ينزل بالوحي مرة ثانية
قال ابن حجر : وكان ذلك ( أن انقطاع الوحي أياماً ) ليذهب ما كان وجده من الروع وليحصل له التشوف إلى العود فلما تقلصت ظلال الحيرة وثبتت أعلام الحقيقة وعرف معرفة اليقين أنه أضحى نبياً لله الكبير المتعال وأن ما جاءه سفير الوحي ينقل إليه خبر السماء وصار تشوفه وارتقابه لمجئ الوحي سبباً في ثباته واحتماله عندما يعود وجاءه جبريل للمرة الثانية .
روى البخاري عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله يحدث عن فترة الوحي قال فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجئت منه حتى هويت إلى الأرض فجئت أهلي فقلت : زملوني زملوني فرملوني فأنزل الله : يا أيها المدثر إلى قوله : فاهجر ثم حمي الوحي وتتابع .