تنبيه فيما يجب أن يلاحظ عند نقل أقوال المفسرين
يكثر في معنى الآية أقوالهم واختلافهم ويحيكه الْمُصَنِّفُونَ لِلتَّفْسِيرِ بِعِبَارَاتٍ مُتَبَايِنَةِ الْأَلْفَاظِ وَيَظُنُّ مَنْ لَا فَهْمَ عِنْدِهِ أَنَّ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا فَيَحْكِيهِ أَقْوَالًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَكَرَ مَعْنًى ظَهَرَ مِنَ الْآيَةِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ عِنْدَ ذَلِكَ الْقَائِلِ أَوْ لِكَوْنِهِ أَلْيَقَ بِحَالِ السَّائِلِ وَقَدْ يكونبَعْضُهُمْ يُخْبِرُ عَنِ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ وَنَظِيرِهِ وَالْآخَرُ بِمَقْصُودِهِ وَثَمَرَتِهِ وَالْكُلُّ يُؤَوَّلُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ غَالِبًا وَالْمُرَادُ الْجَمِيعُ فَلْيُتَفَطَّنْ لِذَلِكَ وَلَا يُفْهَمْ مِنَ اخْتِلَافِ الْعِبَارَاتِ اخْتِلَافُ الْمُرَادَاتِ كَمَا قِيلَ
عِبَارَاتُنَا شَتَّى وَحُسْنُكَ وَاحِدٌ
وَكُلٌّ إِلَى ذَاكَ الْجَمَالِ يُشِيرُ
هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ فَالْمُتَأَخِّرُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ عَنِ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ مُقَدَّمٌ عَنْهُ إِنِ اسْتَوَيَا فِي الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ الْمُقَدَّمُ وَكَثِيرًا مَا يَذْكُرُ الْمُفَسِّرُونَ شَيْئًا فِي الْآيَةِ عَلَى جِهَةِ التَّمْثِيلِ لِمَا دَخَلَ فِي الْآيَةِ فَيَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ قَصَرَ الْآيَةَ عَلَى ذَلِكَ وَلَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ شَخْصٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الشَّاذِلِيِّ قَوْلَهُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {نأت بخير منها أو مثلها} مَا ذَهَبَ اللَّهُ بِوَلِيٍّ إِلَّا أَتَى بِخَيْرٍ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ
الثَّالِثُ: الْأَخْذُ بِمُطْلَقِ اللُّغَةِ
فإن القرآن نزل {بلسان عربي مبين} وَقَدْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مَوَاضِعَ لَكِنْ نَقَلَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْهُ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْقُرْآنِ تَمَثَّلَ لَهُ رَجُلٌ بِبَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ فَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي فَقِيلَ: ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: فِي جَوَازِ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ بِمُقْتَضَى اللُّغَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ وَقِيلَ: الْكَرَاهَةُ تُحْمَلُ عَلَى مَنْ يَصْرِفُ الْآيَةَ عَنْ ظَاهِرِهَا إِلَى مَعَانٍ خَارِجَةٍ مُحْتَمَلَةٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا الْقَلِيلُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَلَا يُوجَدُ غَالِبًا إِلَّا فِي الشِّعْرِ وَنَحْوِهِ وَيَكُونُ الْمُتَبَادِرُ خِلَافَهَا
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ لَا أُوتَى بِرَجُلٍ غَيْرِ عَالِمٍ بِلُغَاتِ الْعَرَبِ يُفَسِّرُ كِتَابَ اللَّهِ إِلَّا جَعَلْتُهُ نِكَالًا
اسم الكتاب:
البرهان في علوم القرآن
المؤلف:
أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي
الفن:
علوم القرآن
عدد المجلدات:
4
للاطلاع على الكتاب إليكم الرابط:
http://raqamiya.mediu.edu.my/BookRead.aspx?ID=372