تناول
هذا البحث بالدراسة والتحليل فترة هامّة من فترات التاريخ الإسلامي، عرفت
باسم "عصر الولاة في الأندلس“، وقد جاءت الدراسة في أربعة أقسام أوجز
مضمونها على النحو التالي:
ركز
الفصل الأول على التعريف بعصر الولاة، وهو العصر الأول من عصور الحكم
الإسلامي في الأندلس، متمثلا في الفترة التي تمتد بين اجتياز العرب البحر
إلى الأندلس إلى أن تمكن عبد الرحمن الداخل من دخول الأندلس مؤسساً بذلك
حقبة جديدة، ويمتد في الفترة الواقعة بين سنتي 92 - 138 هـ، وقد عرف بهذا
الاسم لأن الحاكم فيه كان يسمى والياً, وكان يعيّن من قبل حاكم إفريقية،
أو من قبل الخليفة الأموي في دمشق، وقد بلغ عدد الولاة في تلك الفترة
اثنين وعشرين والياً، وقد استعرض الباحث في هذا الفصل ما تخلل تلك الفترة
من أنشطة عسكرية وفتوحات، إلى جانب بعض الأعمال التنظيمية البسيطة كاختيار
عبد العزيز بن موسى (ت 97هـ/ 715م) لمدينة إشبيلية عاصمة للبلاد, ومن ثم
نقلها إلى قرطبة، وما شهدته تلك الفترة من تخميس ونحوه.
عالج
الباحث في الفصل الثاني التنظيم الإداري للبلاد، الذي أصبح أساسا لكل
تنظيم إداري لاحق, وما كان من نشاط جهادي وراء جبال البرانس لتأمين حدود
الأندلس. كما تناول هذا الفصل ظهور المقاومة الإسبانية في الأندلس مستغلة
ما اعترى البلاد من فوضى واضطرابات، جراء الصراعات العرقية والإقليمية
والقبلية التي نشبت في غير مكان واحد وغير زمان، مما أدى إلى توقف
الفتوحات الإسلامية؛ بسبب اشتغال المسلمين بالتصدي للمقاومة، والصراعات
الداخلية، فضلاً عن بعد الإقليم عن الإدارة المركزية في دمشق، مما أدى إلى
انفراد بعض الولاة بالرأي، وضعف الانتماء للدولة.
وفي الفصل الثالث تناول الباحث ما تفشّى في ذلك العصر من الخلافات
والاضطرابات بين عناصر المجتمع المختلفة من عرب وبربر ومولدين ومستعربين
ويهود وغيرهم، إلى جانب ما كان بين العرب أنفسهم على خلفيات إقليمية
وقبلية، كالخلاف بين القيسية واليمنية، وبين البلديين والشاميين، مما أدى
إلى استفحال الفوضى، وأسهم في دخول عبد الرحمن الداخل للأندلس مؤسسا لعهدٍ
جديد.
أما الفصل الرابع فقد خصصه الباحث للعناصر التي تألف منها النسيج
الاجتماعي، ودور كل منها في صياغة تاريخ الأندلس، إلى جانب تأثُّرها
بالأحداث التي عمّت البلاد. كما تضمّن هذا الفصل استعراضا لما شهدته تلك
الفترة من أنشطة اقتصادية محدودة, وعمرانية كادت تقتصر على المنشآت
الحربية دون غيرها؛ استجابة لمتطلبات المرحلة, وتعليمية تكاد تكون معدومة.
الدراسة كاملة