التحقيق الإعدادي
بعد البحث التمهيدي تدخل القضية مرحلة التحقيق الإعدادي، وهو يختلف
عن البحث التمهيدي لا من حيث الجهة التي تقوم به، ولا من حيث
الضامانات المقررة له، فهو مرحلة قضائية لابوليسية، ولذلك فالتحقيق
الإعدادي يتوسط البحث التمهيدي الذي تقوم به الشرطة القضائية والتحقيق
النهائي الذي تختص به المحكمة في الجلسة.
وقد دفع تقصي الحقائق في قضايا معينة استحداث نظام التحقيق الإعدادي الذي يقتصر على
الحالات المستوجبة لفحص أو تنقيب يستعصي على التحقيق النهائي أن يباشرها في
جلساته العلنية، فالتحقيق يقدم ضمانات هامة للحقوق الفردية، بحيث كم من حالة استغنى
فيها عن تقديم المشبوه فيهم إلى المحاكم لتخلف أدلة المتابعة الجنائية
.
ولا يمكن الكلام على الهيئة المكلفة بالتحقيق دون التعرض إلى التغيير الذي
طرأ على قواعد المسطرة الجنائية والذي يبدو مهما في موضوع قضاء التحقيق،
بحيث كانت المسطرة الجنائية تجهل مهمة التحقيق الذي كان يزاول بالمحكمة الإقليمية،
وغرفة الإتهام بمحكمة الإستئناف التي كانت تبث في الإستيناف المرفوعة أمامها
ضد قرارات قاضي التحقيق، كما كانت تقرر عدم المتابعة أو الإحالة على المحكمة
بالنسبة للقضايا التي تخضع إلى تحقيق (الفصول 200 و 231 و 235 من قانون
المسطرة الجنائية المغربي)وكان من حقها كذلك الإعلان عن بطلان إجراءات التحقيق
التي لم تحترم المقتضيات الجوهرية لمسطرةالتحقيق الإعدادي (الفصول 190 إلى 192 من ق.م.ج).
وبعد التنظيم القضائي الجديد (ظهير 15 يوليوز 1974) الذي استدثت بموجبه
غرفة الجنايات بمحاكم الإستئناف (الفصل 6 من الظهير) طرأ على نظام التحقيق
الإعدادي تغيير هام ، ويظهر أن أهم تعديل يتعلق بالموضوع هو إلغاء غرفة الإتهام
كجهة مكلفة بالتحقيق ونقل اختصاصاتها جزئيا إلى الغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف،
(الفصل 10 من ظهير الإجراءات الانتقالية). كما أصبحت الجنايات تحال مباشرة على
غرفة الجنايات، هذا وقد سمح الظهير المذكور للمحكمة للقيام ببحث تكميلي
يخضع في إجراءاته لمقتضيات التحقيق الإعدادي.